ما لم يقله بشار الأسد في خطابه!

تاريخ الإضافة الأحد 3 نيسان 2011 - 6:36 ص    عدد الزيارات 666    التعليقات 0

        

ما لم يقله بشار الأسد في خطابه!
السبت, 02 أبريل 2011
سليم نصار *

في حديثه الى صحيفة «وول ستريت جورنال»، شدد الرئيس بشار الأسد على إظهار عمق التباين والاختلاف بين ما جرى في تونس ومصر وبين ما يجري في سورية. وقال في معرض تطمين الشعب السوري القلق: «نحن لسنا تونسيين ولا مصريين». وكان بهذا التعريف يسعى الى إبراز خصوصية النظام السوري الذي تخطى أزمات داخلية عدة تمثلت أهمها بعملية قمع «الإخوان المسلمين» في حماه وحلب عام 1982.

صحيفة «واشنطن بوست» رفضت تبني فكرة خصوصية النظام السوري، وكتبت افتتاحية حول أحداث درعا وحمص وحماه واللاذقية والرقة والمعضمية، وصفتها بأنها أول تحد جدي يواجهه الرئيس الشاب منذ تسلم مقاليد الحكم قبل إحدى عشرة سنة. وقالت أيضاً إن الدكتور بشار الأسد مضطر الى إجراء تغييرات اقتصادية وإصلاحات سياسية استجابة لمطالب المتظاهرين الذين كسروا حواجز الخوف من السلطة وأجهزتها المستنفرة دائماً.

وهذا ما أكدته مستشارة الرئيس بثينة شعبان، أثناء مؤتمرها الصحافي الذي أشارت فيه الى استعداد الحكومة لإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية، أهمها إنهاء العمل بقانون الطوارئ المطبق منذ عام 1963. أي القانون الذي يعطل المحاكم المدنية ويستبدلها بالمحاكم العسكرية التي تلغي تلقائياً الحريات العامة والحقوق المدنية تحت ذريعة الحفاظ على سلامة «الأمن القومي».

هل كانت بثينة شعبان مخطئة في عرضها السخي عندما وعدت المتظاهرين في درعا باحتمال إنهاء العمل بقانون الطوارئ؟

يؤكد أصدقاء المستشارة الإعلامية أن وجودها داخل الحلقة القريبة من الرئيس، يمنحها فرص الاطلاع على دقائق الأمور، خصوصاً أنها تعرف حرص الأسد على أهمية التحفظ في شأن مشاريع الدولة. والثابت أن هذا الوعد كان جزءاً من قائمة وعود سياسية واقتصادية واجتماعية، ذكرتها في مؤتمرها صحافي بهدف تطمين المواطنين الى اهتمام الدولة بمطالبهم الملحة.

يستدل من مجمل الإصلاحات التي أرجئ تنفيذها، أن الرئيس بشار الأسد كان عازماً على إعلان خطة مستقبلية حالت المتغيرات الإقليمية دون تحقيقها.

والخطة، كما وردت على ألسنة الوزراء، تتمثل في عملية إصلاح شاملة تبدأ بسلك القضاء، وتشمل حملة مكافحة الفساد، وتنتهي بوضع قانون انتخابات يكون بمثابة مختبر لقانون تعدد الأحزاب. وهذا ما عناه الأسد من وراء قوله: «إن بقاء سورية خارج عملية الإصلاح هو عمل مدمر». ثم استدرك ليؤكد أن الإصلاح الجذري سيتم «بسرعة»، وإنما من دون «تسرع». أي انه لن يكون بطيئاً خلال مرحلة التنفيذ... كذلك لن يكون «متسرعاً» لئلا يفقده الاستعجال ميزة التأني والتروي والابتعاد عن التهور.

الأمر الجديد في القرارات السورية كان الإعلان عن قبول استقالة حكومة محمد ناجي العطري التي تشكلت المرة الأولى عام 2003. ويتردد في الأوساط السياسية في دمشق عن نجاح الرئيس في استبعاد عناصر حزبية من تشكيلة الحكومة الجديدة، بحيث تكون على مستوى التحديات المقبلة. ويقال في هذا السياق، إن الخطاب الثاني الذي سيقدم به حكومة التغيير سيتضمن برنامجه السياسي والاقتصادي وكل ما يعزز مشروع الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي.

وذكرت صحف لبنانية قريبة من خط سورية، أن الحكومة المقبلة ستكون شبيهة في مهماتها بحكومة الدكتور عبدالرؤوف الكسم (1980). وقد انتقاه حافظ الأسد بسبب كفاءته ونجاحه كمحافظ لدمشق. وبسبب تمتعه بحماية الرئيس، استطاع الكسم أن يعاقب المفسدين ويزيد رواتب موظفي الدولة، ويقود حملة داخل حزب «البعث» للكشف عن الأخطاء التي ارتكبت خلال فترة الصدام مع «الإخوان المسلمين».

وبين الأولويات التي حددها خطاب الأسد للحكومة الجديدة، أربع قضايا مهمة هي: أولاً – تعزيز الوحدة الوطنية وسحق الفتنة الطائفية. ثانياً – مكافحة استشراء الفساد ومنع الاستغلال. ثالثاً – التصدي للإعلام الذي شوه حقيقة الأحداث في سورية، والرد عليه بوسائل حضارية ذات صدقية. رابعاً – زيادة فرص العمل على نحو يخفف من أعباء الشباب ويفتح أمامهم فرص المستقبل.

ختم الرئيس الأسد كلمته أمام البرلمان يوم الأربعاء الماضي، بالإشادة بأهل بلدة درعا التي شهدت بداية الاحتجاجات حيث سقط من شبانها أكثر من ستين قتيلاً. ونفى أن تكون غالبية أهل درعا قد أيدت ما صنعته القلة، واصفاً سكانها بأهل الوطنية والشهامة والعروبة الأصيلة. ووعد أيضاً بإجراء تحقيق ومحاسبة المسببين قائلاً: «الدماء التي نزفت هي دماء سورية، والضحايا هم أخوتنا وأهلهم أهلنا، ومن الضروري أن نبحث عن الأسباب والمسببين ونحقق ونحاسب...».

وقد حرص قادة النظام في دمشق على تشكيل أكبر تظاهرة في «ساحة السبع بحرات» تحت شعار: الوحدة الوطنية وإفشال المشروع الطائفي. وركزت عدسات التلفزيون على عشرة رجال دين يمثلون مختلف الطوائف، يقفون فوق شرفة مطلة على الساحة، وقد شبكوا أيديهم للتدليل على الوحدة الوطنية.

ورفعت فوق رؤوس الآلاف من المتظاهرين لافتات أبرزها: «استقرار سورية مصلحة وطنية وقومية».

وقد شدد على هذه العبارة ايتامار رابينوفتش، كبير مفاوضي إسرائيل والمختص في الشؤون السورية، فكتب مقالة في جريدة «يديعوت أحرونوت» خلاصتها أن الجمهور السوري ارتضى بعقد صفقة غير مكتوبة تقضي بمنحه الاستقرار والأمن مقابل مصادرة الحقوق والحريات. واليوم قرر الجمهور السوري إلغاء هذه الصفقة!

ولكن التعلقيات في الصحف العربية ردت عليه بإحياء حوادث الاغتيالات في مدينة اللاذقية عام 1979، حيث تبين من التحقيقات أن «الموساد» كان يغتال كل يوم رجل دين من طائفة معينة بهدف إشعال نار الفتنة الطائفية في مدينة عرفت بتنوع سكانها ورغبتهم في العيش المشترك.

ويبدو أن «الموساد» قد اعتمد ما كتبه أبو العلاء المعري، شعراً في قصيدته الشهيرة ومطلعها:

في اللاذقية ضجة... ما بين أحمد والمسيح

هذا بناقوس يدق وذا بمأذنة يصيح

كل يمجد دينه يا ليت شعري ما الصحيح؟

ومنعاً لتكرار تلك الحوادث المؤلمة، ستولي الحكومة الجديدة عناية خاصة ببلدة درعا ومدينة اللاذقية، خشية انتقال «المرض» اللبناني بالعدوى، الى الأماكن السورية.

بقي السؤال المتعلق بفحوى الخطاب الذي أرجأ الرئيس بشار الأسد، إعلانه يوم الأربعاء الماضي، وما هي الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء تأجليه؟

على هذا السؤال أجابت وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون بالقول إن بلادها لن تتدخل في شؤون سورية الداخلية مثلما تدخلت في تونس ومصر وليبيا. وقالت إن النظام الذي قاطعته أميركا أكثر من ست سنوات، عادت فأرسلت إليه سفيراً مميزاً بهدف استئناف العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية. وفي هذا الكلام المطمئن يرى المراقبون أن واشنطن لا تزال داعمة لبقاء النظام السوري الذي يساعدها على ضبط الساحتين اللبنانية والفلسطينية. كما يساعدها في الحوار المتوقع مع إيران في حال اضطرها الانسحاب العسكري من العراق وأفغانستان، الى تثبيت منظومة العلاقات الأمنية مع هاتين الدولتين القائمتين فوق بحيرات الغاز والنفط.

أما بالنسبة الى النظام السوري، فان ما يجري في العراق وليبيا، اضطر الرئيس الى التريث قبل أن تظهر له الخريطة النهائية لدولتين عربيتين مرشحتين للانفصال أو التفكك. كذلك أقنعته النشاطات الجانبية التي تقوم بها حكومة نتانياهو مع الرئيس محمود عباس، بأن الولايات المتحدة ماضية في تطبيق المرحلة الثانية من خريطة الطريق، أي إقامة دولة فلسطينية داخل حدود موقتة، واستئناف المفاوضات حول التسوية الدائمة مع السلطة. وقد أشار وزير الدفاع ايهود باراك الى استعداد إسرائيل لتحريك مسألة الجولان في خط متواز مع المسألة الفلسطينية.

بعد اختلال أضلاع المثلث الذي بنى عليه حافظ الأسد التغطية السنية المطلوبة والمؤلف من سورية والسعودية ومصر، لم تملأ تركيا الفراغ الذي أحدثه غياب الضلع المصري. وعليه قرر الدكتور بشار انتظار نتائج الانتخابات في مصر ما بعد حسني مبارك، لعل النتائج تلغي العوامل التي فرضت التباعد.

وبانتظار نجاح التسوية المقترحة لحل مشكلة اليمن، تتوقع دمشق أن تكلّف بإجراء مصالحة بين طهران والمنامة، تزيل العوائق من أمام الحوار الذي اقترحه ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة.

وفي مطلق الأحوال، قد يبدأ النظام السوري حملته الإصلاحية بالوعد الذي أعطته بثينة شعبان، أي بإلغاء قانون الطوارئ واستبداله بقانون مقاومة الإرهاب، على اعتبار أن المرحلة المقبلة تقضي باستبدال الشكل لا المضمون.

* كاتب وصحافي لبناني

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,486,619

عدد الزوار: 7,759,331

المتواجدون الآن: 0