لا حصص·· ولا حقائب·· بل إلغاء للتوازنات والقواعد!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 5 نيسان 2011 - 6:08 ص    عدد الزيارات 567    التعليقات 0

        

لا حصص·· ولا حقائب·· بل إلغاء للتوازنات والقواعد!
صلاح سلام

لا الخلاف على الحصص فقط، ولا التسابق على الحقائب والغنائم وحسب، ولا المفارقات الملتبسة في البيان الوزاري العتيد وحدها، هي التي تُعيق تشكيل الحكومة الميقاتية العتيدة·
 

فالمسألة تبقى أكبر من شكل الحكومة، والأهداف الحقيقية لبعض قوى 8 آذار أهمّ من كل الحقائب السيادية منها، والخدماتية!

ولا يحتاج المراقب المتتبع لمواقف وتصريحات قيادات فاعلة في الأكثرية الجديدة، لكثير من الشرح والتحليل، حتى يتبيّن له أن المقصود بالضغوطات المتزايدة التي تُمارس على الرئيس المكلَّف، ليس الإسراع في تظهير التشكيلة الحكومية، بقدر ما يظهر أن الهدف الأساس هو استكمال وقائع الإنقلاب السياسي الأخير، الذي بدأ بخطف الأكثرية النيابية من جبهة 14 آذار، بأساليب ومناورات لم تعد خافية على أحد، ثم بتعمّد الإعلان عن اختيار الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة، قبل إجراء الإستشارات النيابية، واستباقاً لنتائجها، وصولاً الى محاولات فرض تشكيل حكومة اللون الواحد، والإمساك بسلطة القرار فيها عبر الإستحواذ على ثلثي المقاعد الوزارية على الأقل، على أن يتم ترك <الفُتات> الباقي من حصص كل من الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي والزعيم وليد جنبلاط!

* * *

لقد بدا واضحاً ان الأكثرية الجديدة لم تكن متحمسة ولا كانت مؤيدة، للجهود الحثيثة التي بذلها الرئيس المكلف لإقناع قيادات في 14 آذار بالمشاركة في الحكومة، بهدف توسيع القاعدة الوطنية للتشكيلة في الحكومة، وتفادي تداعيات التفرّد بالسلطة، وارتداداتها السلبية على الأصعدة المحلية والعربية والدولية·

لذلك أدّت ممانعة قوى 8 آذار بمنح <الشركاء> من قوى 14 آذار الثلث زائدا واحدا في الحكومة العتيدة، (على نحو ما كان معمولا به في حكومتي الرئيسين السنيورة والحريري عندما كانت 8 آذار أقلية)، الى إفشال مساعي الرئيس المكلف بإضفاء الطابع الإئتلافي على الحكومة المقبلة، وبالتالي أقفلت تلك الممانعة الأبواب أمام مشاركة قوى 14 آذار، وأجهضت إمكانية التوصل الى تشكيلة حكومية تحمل صفة <حكومة إتحاد وطني> بعد إستهلاك كل صفات <حكومات الوحدة الوطنية> السابقة!

بعد خروج جماعة 14 آذار من حلبة مشاورات التأليف، تحت ضغط الاكثرية الجديدة، تصدر العماد ميشال عون مهمة استكمال الحلقة التالية من مسلسل الإنقلاب، والهادفة الى الإطباق على السلطة الإجرائية، والتفرد بإدارة شؤون البلاد والعباد!

* * *

لم يتأخر <جنرال الرابية> في شهر سلاحه الثقيل ضد رئاسة الجمهورية، فأعلن أولاً عن معارضته إعطاء أية حصة وزارية لرئيس الجمهورية، وذلك خلافاً لكل الأعراف والسوابق التي سادت قبل وبعد اتفاق الطائف، متذرعاً بحجة أن <لا نص دستورياً لإعطاء رئيس الجمهورية حصة وزارية> حيناً، وموحياً في احيان كثيرة بأن لا ثقة بمواقف الرئيس ميشال سليمان لإعطائه مقاعد وزارية من حصتنا···!!·

ولم تشفع مواقف رئيس الجمهورية الوطنية، ولا حتى التوافقية، عند رئيس التيار العوني، الذي ردّد في أكثر من مناسبة ما مؤداه ان على رئيس الجمهورية أن يجلس متفرجاً في مجلس الوزراء، من دون ان يكون له أي تأثير في مجريات ترؤس الجلسات أو حتى في إدارة النقاشات، على اعتبار أن الحكومة مؤلفة من قوى متحالفة ومتفقة على برنامج معين، وبالتالي على رئيس الجمهورية ان يمشي مع توجهات الأكثرية التي تتألف منها الحكومة!!·

* * * لم يكن حال الرئيس المكلف مع الجنرال، المنرفز دوماً، بأفضل عمّا كان عليه رئيس الجمهورية، إذ سرعان ما طالت سهام الرابية الرئاسة الثالثة والرئيس ميقاتي شخصياً <الذي لا يحق له بالمطالبة بالثلث المعطل وكتلته لا تزيد عن نائبين>··· على حدّ وصف عون نفسه!·

ثم راحت قذائف المواقف المعقدة تتوالى: من عدم حق الرئيس المكلف الاعتراض على حصة عون، إلى إصرار الرابية على تسمية وزراء التيار العوني وتحديد حقائبهم، إلى التمسك بحقيبة الداخلية، ورفض إبقائها مع ممثّل رئيس الجمهورية الوزير زياد بارود، إلى مطالبة الرئيس المكلف بزيارة <عرين القيادة> في الرابية، كخطوة لا بد منها، للبحث في تذليل العقبات، واخيراً الى التهديد بتشكيل الحكومة الجديدة <ان لم يكن بهذا الشخص·· فبغيره> هكذا وبكل وقاحة!

* * *

هذه المراجعة السريعة لمواقف عون، التي تعبر عن نوايا وإرادة القوى الفاعلة في 8 آذار، تكشف خفايا المخطط الذي يستهدف استكمال تحقيق اهداف الانقلاب السياسي الاخير عبر الخطوات التالية:

1 - تعطيل دور الرئاسة الاولى كمرجعية وطنية منوط بها الاشراف على السلطة الاجرائية والمشاركة في القرارات المصيرية المهمة وفي ذلك تطاول مكشوف على مقام رئاسة الجمهورية·

2 - تحجيم دور الرئاسة الثالثة في تشكيل الحكومة وترؤس السلطة الإجرائية وفق ما نص عليه اتفاق الطائف ودستور الجمهورية الثانية، بكل ما يعني ذلك من تطاول واستهداف لمقام رئاسة مجلس الوزراء·

3 - العودة إلى سياسة الهيمنة على السلطة، والتفرد بالقرار، وفرض سياسات خارجية واقتصادية واجتماعية معينة ولا تحظى بإجماع اللبنانيين، الأمر الذي سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى الإخلال بأسس التوازنات الوطنية، وتعريض المعادلة الداخلية للإهتزاز مرة أخرى، مع كل ما يحمله هذا التردي من مخاطر للأمن والسلم الأهلي في بلد يشكو من عدم إستقرار مزمن في نظامه السياسي·

* * *

إزاء هذه المحاولات الخطرة لتجاوز أسس وقواعد صيغة العيش المشترك التي ارتضاها اللبنانيون، على علاتها، كان لا بد لبكركي أن تتحرك للدفاع عن الرئاسة الأولى، حيث أكد سيد بكركي الجديد البطريرك بشارة الراعي توازن الصيغة الوطنية ورفض حكومة اللون الواحد·

كما كان لا بد لدار الفتوى أن تهب لحماية مقام الرئاسة الثالثة، حيث حذّر مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني من مغبّة الإخلال بقواعد الوفاق الوطني، أو التلاعب بنصوص الدستور، مؤكداً مع المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى التمسّك ببنود وثيقة الثوابت الإسلامية الوطنية، ومكرراً الوقوف إلى جانب الرئيس المكلَّف لمجابهة الضغوط التي تحاول النيل من صلاحيات رئيس الحكومة، واستعادة أساليب التسلّط والتفرّد على مقدّرات البلاد والعباد·

* * *

في خضمّ موجة التغيير التي تضرب المنطقة، لا بد لقوى الأكثرية الجديدة أن تُدرك جيداً بأن لبنان ليس بحاجة إلى اختبار جديد، يُولّد المزيد من الأزمات والمحن، ويُعرّض الأمن والاستقرار الهشّ للخطر من جديد··!

ويُدرك العماد عون أكثر من غيره أن مجرّد التفكير بالعودة إلى أساليب <حروب الإلغاء> تعني العودة إلى فتح أبواب جهنم مرة أخرى··!

صلاح سلام

 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,485,143

عدد الزوار: 7,759,289

المتواجدون الآن: 0