إشكالية العلاقة العربية - الإيرانية والطريق إلى وأد الفتنة المذهبية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 12 نيسان 2011 - 6:00 ص    عدد الزيارات 591    التعليقات 0

        

إشكالية العلاقة العربية - الإيرانية والطريق إلى وأد الفتنة المذهبية
صلاح سلام

ليس بين العرب من يعتبر إيران بمثابة <دولة عدوّة> أو هي في عداد <الدول المارقة> بالنسبة للدول العربية، رغم الاختلاف في المواقف حول العديد من الملفات الإقليمية والدولية·
 

وأثبتت السياسات العربية، لا سيما سياسات المملكة العربية السعودية بالذات، في السنوات الأخيرة، مدى حرص الجانب العربي على علاقات الودّ وحُسن الجوار مع الجارة الفارسية، بما في ذلك دولة الإمارات العربية التي تشكو من استمرار الاحتلال الإيراني لجزرها الثلاث، حيث حافظت إمارة أبو ظبي على علاقات الجيرة الطيّبة مع طهران في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية·

وما يُقال عن العلاقات العربية - الإيرانية، يمكن قول مثله وأكثر عن العلاقات اللبنانية - الإيرانية، حيث ليس بين اللبنانيين من يصنّف النظام الإيراني في مرتبة الأنظمة الأعداء، رغم حالة الحذر التي تُهيمن على مشاعر جزء كبير من اللبنانيين، بسبب التوجهات العقيدية والسياسية لطهران، منذ قيام الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام الخميني في أواخر سبعينيات القرن الماضي·

* * *

إشكاليات العلاقة العربية مع إيران، وما تفرزه من مشاكل متعددة ومعقّدة، تكمن في هذا التدخل المتمادي من جانب طهران في الشؤون العربية، والذهاب بعيداً في استغلال حالة الفراغ التي عانى منها النظام العربي، في فترة الخلافات العربية - العربية، والامساك بالملفات الاكثر سخونة في العالم العربي من فلسطين الى لبنان الى العراق، وأخيراً الى البحرين، والتي كانت بمثابة النقطة التي طفح بها كيل العرب وصبرهم على التدخلات الايرانية بشؤونهم الداخلية·

لقد تجاوزت إيران خصوصية المجتمع الخليجي، وضربت بعرض الحائط المواثيق والاتفاقات التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي، وحاولت اختراق الجبهات الداخلية لدول المنطقة بالضرب على اوتار الحساسيات المذهبية، وإثارة النعرات التي لا يستفيد منها إلا أعداء الدين والأمة، على حساب أمن واستقرار المنطقة، دون أية مراعاة لمصالح أهل المنطقة، ولا النظر الى أهمية الحفاظ على سلامة العيش الواحد لمكونات المجتمعات الخليجية·

* * *

وتدرك دوائر القرار في طهران اكثر من غيرها، بحكم الخبرة والجيرة، أن تجربة مجلس التعاون الخليجي كانت حجر الزاوية في تعزيز الاستقرار والازدهار والتقدم الاجتماعي للدول الخليجية، رغم الهزات السياسية الكبيرة التي عرفتها الدول المحيطة بالمنظومة الخليجية، وأدت الى سقوط أنظمة واشتعال حروب وفتن، وتفكك مجتمعات ودول·

ونجحت تجربة التعاون الخليجي في تجاوز العديد من التحديات والامتحانات، بدءاً من الحرب العراقية - الايرانية الى حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي، الى تجاوز حرب توحيد شطري اليمن الشمالي والجنوبي، الى صد محاولات تصدير الثورة الايرانية في السنوات الاولى لقيام الجمهورية الايرانية·

وتواجه القيادة السعودية، ومعها القيادات الخليجية الاخرى تداعيات الزلزال السياسي الذي يضرب المنطقة بكثير من الحكمة، ترتكز إلى احترام إرادة الشعب، والعمل على تلبية المطالب المشروعة والمحقة، وتشجيع الاصلاحات السياسية والاجتماعية التي تخفف من الاحتقانات الداخلية، واتخاذ مواقف صارمة من القيادات التي ترفض الاستماع والتجاوب لمطالب شعوبها·

في الحالة الاولى تم دعم كل من حكومتي البحرين وعُمان بميزانيات ومساعدة كبيرة لمواجهة المطالب الاجتماعية وتلبية حاجات تحسين مستوى معيشة الطبقات المتوسطة والمحتاجة· وفي الإطار نفسه تم ارسال قوات من <درع الجزيرة> الى المنامة لمنع حصول الفتنة بين ابناء الوطن الواحد·

وفي المواقف الصارمة من القيادات المتعنتة، تراوح الموقف الخليجي بين بذل المساعي الحميدة بين الحكم ومعارضيه، على نحو الوساطة الخليجية الحالية بين الرئيس علي عبد الله صالح ومعارضيه في اليمن، الى اتخاذ قرارات بالتدخل لحماية المدنيين على نحو ما يحصل في ليبيا استناداً الى قرارات مجلس التعاون ومجلس الجامعة العربية ومجلس الامن الدولي·

فهل يصح، بعد كل هذا، اعتبار المساعدات الخليجية للبحرين تدخلا سعوديا في الشؤون البحرانية؟

* * *

لقد اكدت الدول العربية، وخاصة دول مجلس التعاون، على تمسكها بعلاقات الود والتعاون مع الجار الفارسي، على ان تقوم هذه العلاقات على الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال كل بلد، وعلى عدم التدخل بشؤون الآخر، وعلى ان تُراعى خصوصية كل بلد·

وعندما اشتدت ازمة الملف النووي الايراني وظهور التهديدات الأميركية - الاسرائيلية باستخدام القوة العسكرية لمنع طهران من المضي في برنامجها النووي، كان الموقف السعودي، ومعه الموقف الخليجي برمته واضحاً وحازماً: لا استخدام لأراضي دول المنطقة في أية عملية عسكرية ضد إيران· وذلك في الوقت الذي نشطت فيه الدبلوماسية الخليجية في ترجيح كفة الحوار بين طهران وعواصم القرار الدولي·

ومبادرات الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحسين العلاقات مع إيران، كادت تصل الى أهدافها الاستراتيجية، لما فيه مصلحة الطرفين العربي والإيراني، لولا تدخل الجناح المتشدد في السلطة الإيرانية الذي اجهض نتائج القمتين بين العاهل السعودي والرئيس الإيراني احمدي نجاد·

ورغم كل التوتر الحالي في العلاقات العربية - السعودية، ما زلنا نستطيع القول أن الوقت لم يفت بعد لإصلاح ذات البين، وإعادة ترميم العلاقات العربية - الإيرانية، في حال اقتنعت طهران أن سياسة التدخل القسري، وما يرافقها من إثارة الخلافات والنعرات بين أبناء الشعب الواحد، والوطن الواحد، لا ولن تخدم المصالح الإيرانية، لا على المدى القريب، ولا في المدى البعيد، بل على العكس ستزيد الهوة بين الجانبين، وستفتح ابواب التدخلات الخارجية بما لا يخدم مصالح الطرفين العربي والإيراني، على افتراض أن الحرب ضد الاسلام لن تفرق بين ما هو عربي وما هو أعجمي·

أما القول إن التدخل الإيراني هدفه حماية الأقليات الشيعية في الدول العربية والاسلامية، فهو من الخطورة أنه يتجاهل مئات السنين من العيش بين أبناء الدين الواحد، فضلاً عن انه قد يدفع قيادات وشخصيات عربية وسنية، في الأهواز أو من البلوش إلى طلب العون والمساعدة للتحرك ضد النظام في طهران!·

* * *

مراجعة صحيّة وصحيحة لسياسة التدخل الإيراني في الشؤون العربية هي الخطوة الأساس لإقفال أبواب جهنم التي ستشعلها الفتنة المذهبية··· في حال اندلاعها لا سمح الله!·

صلاح سلام

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,507,169

عدد الزوار: 7,759,675

المتواجدون الآن: 0