مستقبل مصر وراء تقسيم ليبيا ثلاث ولايات

تاريخ الإضافة الأحد 24 نيسان 2011 - 7:48 ص    عدد الزيارات 513    التعليقات 0

        

مستقبل مصر وراء تقسيم ليبيا ثلاث ولايات

تتوقع واشنطن ان تقوم الدول الأوروبية بانشاء منطقة ليبية فاصلة تحت حمايتها بهدف مراقبة مصر وقناة السويس، خوفاً من ظهور جمهورية اسلامية تلغي اتفاق كمب ديفيد.

عام 1968 اجتاحت القوات السوفياتية مدينة براغ، اثر تظاهرات شعبية معارضة، لم تلبث موسكو ان اسكتتها بقوة الحديد والنار.
ونقلت وكالات الانباء في حينه صورة شاب يدعى بلاخ قام باحراق نفسه في الساحة العامة، كمظهر من مظاهر الاحتجاج على القمع المسلح لبلاده.
وكان بلاخ يتوقع ان يحدث انتحاره انتفاضة شعبية عارمة تمهد لظهور مقاومة واسعة. ولكن توقعاته لم تتحقق إلا في عام 1989. أي عندما بدأت المنظومة الاشتراكية تتفكك في عهد غورباتشوف. والسبب ان الشعب في تشيكوسلوفاكيا لم يكن منظماً بشكل جماعي، للوقوف في وجه الغزاة. وعندما حدث الانفصال المخملي لتشيكوسلوفاكيا، برز بلاخ في الذاكرة الجماعية كبطل من ابطال المقاومة.
في شهر كانون الأول 2010 أحرق شاب تونسي يدعى ممحد بوعزيزي، نفسه احتجاجاً على سوء المعاملة والتهميش الاجتماعي. وشكّلت تلك الحادثة موجة شعبية من السخط أدت الى اسقاط النظام وهرب الرئيس زين العابدين بن علي مع عائلته وحاشيته.
ثم اتسعت موجة التغيير لتتحول الى "دومينو سياسي" انتقلت تفاعلاته المعدية الى مصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا. وبما ان الاعتصامات والتظاهرات تمت بفضل الشعوب المهمشة منذ نصف قرن تقريباً، فإن الأسئلة التي يطرحها المراقبون تتناول طبيعة هذه الانتفاضة وما اذا كانت ستتحول الى ثورات؟
ذلك ان الثورات – كما يعرّفها المؤرخون – هي التي تلغي كل مراحل الماضي، وتؤسس نظاماً جديداً منفصلاً عنه. هذا ما فعله لينين وستالين وتروتسكي الذين دمروا امبراطورية قياصر روسيا. وبنوا فوق ركامها نظاماً شيوعياً ملحداً استمر اكثر من سبعين سنة. بل هذا ما فعله ماو تسي تونغ في الصين وكاسترو في كوبا والخميني في ايران.
وقد شهد المشرق العربي في الخمسينات والستينات، موجة انقلابات عسكرية دشنها حسني الزعيم في سوريا، ثم طوّرها جمال عبد الناصر بإلغاء الملكية في مصر، ومساعدة عبد الله السلال على الغاء حكم سلالة الامام حميد الدين في اليمن واستبداله بنظام جمهوري. كذلك ولدت خلال تلك المرحلة سلسلة انقلابات عسكرية كان اهمها انقلاب معمر القذافي في ليبيا الذي انهى حكم محمد ادريس السنوسي واقام مكانه "الجمهورية الشعبية الليبية".
ويُستدل من تداعيات تلك المرحلة ان الشعوب العربية لم تكن مشاركة في صنع مستقبلها واختيار حكامها. واستغل القذافي في هذا الشلل الداخلي لتحويل ليبيا الى مختبر خاصة يجري فيه تجاربه المزاجية طوال 42 سنة. ولما فاجأته تظاهرات طرابلس وبنغازي، تصدى لها بالحديد والنار على أمل ان يلقى الدعم من اصدقائه في فرنسا وايطاليا والاتحاد الافريقي والجامعة العربية. ولما تأكد له ان المجتمع الدولي يخطط لاسقاطه ومحاكمته، فتح ابواب ترساناته لانصاره ومحازبيه والمستفيدين من ثروته. خصوصاً بعدما تبين له ان الدول الغربية التي ساهمت في انشاء المجلس الانتقالي الوطني الموقت برئاسة مصطفى عبد الجليل، ماضية في تمزيق وحدة البلاد ولو ادى الأمر الى انزال قوات اجنبية مقاتلة.
والمعروف تاريخياً، ان ليبيا تشكلت من ثلاث مستعمرات سابقة لايطاليا هي ولايات: طرابلس وبرقة وفزّان. وقد يكون من الصعب توحيد هذه الاجزاء الثلاثة اذا استمرت الحرب بعد وصول الضباط الفرنسيين والايطاليين الذين سيشاركون في رسم خطط المعارضة. وتتوقع واشنطن ان تقوم الدول الاوروبية بانشاء منطقة فاصلة تحت حمايتها بهدف مراقبة الجناح الشرقي لمصر وقناة السويس. كل هذا خوفاً من ظهور جمهورية اسلامية في مصر معادية للغرب، ومرشحة لإلغاء اتفاق "كمب ديفيد".
فور اعلان محاكمة حسني مبارك، اعربت طهران عن رغبتها في تعيين سفير في القاهرة بعد مرور ثلاثين سنة على خصومة بلغت حد المقاطعة السياسية والاقتصادية.
ورحب وزير خارجية مصر الجديد نبيل العربي بهذه الخطوة، معتبراً ايران دولة صديقة لا يجوز تصنيفها في خانة الخصوم. اضافة الى هذه الخلفية، فإن سفر مجدي حسين زعيم "حزب العمل المصري"، الى طهران هذا الاسبوع، ينبئ عن انفتاح في علاقات الأحزاب الاسلامية بين البلدين. كما ينبئ بالتالي، عن ظهور سياسة خارجية مصرية مختلفة في توجهات علاقاتها عن السياسة التي رسمها مبارك لعهده. واكبر دليل على ذلك ان "الاخوان المسلمين" في مصر، قرروا الخروج من الظل والمشاركة في صنع مستقبل بلد اضطهدهم تقريباً في مختلف العهود. ولوحظ ان عضوا مركزياً في حركة "الاخوان المسلمين" كان يقف الى جانب رئيس الوزراء الجديد عصام شرف عندما كان يتحدث في "ميدان التحرير". ويبدو ان هذا الحضور كانت نتيجة تفاهم مع قيادة الجيش.
وفي هذا السياق يمكن تفسير زيارة وزير الخارجية نبيل العربي لقطاع غزة انها اتت بهدف رفع الحظر عن "حماس" والاعتراف بها كمنظمة شرعية نالت اكبر نسبة من الناخبين الفلسطينيين.
وفي مقابلة تلفزيونية، اعترف رئيس وزراء الاردن معروف البخيت، بأن لديه ادلة قاطعة على تشجيع الاضطرابات ضد الحكومة بالتنسيق مع "الاخوان المسلمين" في مصر وسوريا.
ولم ينكر رئيس "الاخوان" في عمان اتهام البخيت، وقال ان من حقه التشاور مع اخوانه في دمشق.
وحول هذا الموضوع، اعترفت قيادة المعارضة اللبيبية في بنغازي ان الاحزاب التي تقاتل قوات القذافي تتشكل من قوى داخلية، اضافة الى مجاهدين حاربوا القوات الاميركية في العراق بالتعاون مع "القاعدة". كذلك سمحت لندن لبعض المنفيين الليبيين بالسفر الى بنغازي بغية الانضمام الى صفوف المحاربين، واعطاء فرصة "للاخوان المسلمين" للاشتراك في اي نظام يقوم بعد القذافي.
في ضوء هذه الاعتبارات، تتطلع الأمم المتحدة الى طبيعة الأنظمة التي ستولد من رحم هذه الانتفاضات، وما اذا كان المخاض سيطول أكثر من سنة قبل ان يطل المولود الجديد. ويرى المحللون العسكريون ان القوات البريطانية بقيادة مونتغومري، نازلت خلال الحرب العالمية الثانية قوات رومل، بهدف الاستيلاء على قناة السويس واحتلال مصر. وقد جرت المعارك فوق الاراضي الليبية التي تشهد حالياً معارك الكر والفر بين طرابلس وبنغازي. علماً بأن نفط ليبيا لم يكن قد اكتشف بعد. ويؤكد نجل القذافي سيف الاسلام، ان والده ازداد عناداً بعدما شهد المصير الذي انتهى اليه صديقه حسني مبارك.
وبين القادة الذين تأثروا واستاؤوا من المعاملة القاسية التي لقيها مبارك وافراد عائلته، كان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. ذلك انه كان تراجع عن الوعود باختصار مدة حكمه، وقرر الاستمرار الى حين تراجع المتظاهرين.
والملفت ان تظاهرات اليمن انفجرت يوم تنحي مبارك عن الحكم (11 شباط) وركزت مطالبها على اسقاط الرئيس صالح بعد 33 سنة في السلطة. وقد تدخلت واشنطن بواسطة وزيرة الخارجية كلينتون ووزير الدفاع غيتس، من أجل انقاذ اليمن واعادة تصحيح مسيرة النظام. ومع ان الرئيس لمح الى احتمال ظفر "القاعدة" بالاستيلاء على الحكم اذا ما تخلت عنه الدول الكبرى، الا ان هذا "البعبع" لم يعد مخيفاً كالسابق. والسبب ان علي عبد الله صالح حصل على مساعدات سخية من أجل محاربة الارهاب، ولكنه استخدمها لشراء أسلحة سوفياتية استعملها لقمع خصومه.
في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست"، قال غيتس، ان الدول الكبرى تتحسس خطواتها في ظلام الشرق الأوسط، لأن نهاية الاضطرابات لم تحسم بعد. اما فترة الاستقرار والهدوء فلا تظهر في مثل هذه الحالات إلا بعد استتباب الوضع للفريق المنتصر.
وكان بهذا الكلام يشير الى انهيار المنظومة الاشتراكية سنة 1989 والتي تعرضت لمنزلقات عدة قبل ان تتوقف تداعياتها بعد عشر سنوات. كما يشير ايضاً الى ثورة المكسيك التي اندلعت سنة 1910 وظلت تشتعل حتى سنة 1940. وكانت نتائجها سقوط مليون قتيل. ومن ابرز ابطالها كان اميليانو زاباتا وبانشو فيللا.
أعرب بنيامين نتنياهو عن قلقه من ظهور سياسة خارجية مصرية معادية لبلاده، بسبب تقارب القاهرة وطهران. ومع ان الحكومة المصرية وعدت بالتزام الاتفاقيات الدولية واحترام معاهدة السلام مع اسرائيل، الا ان نتنياهو بقي مصراً على إبداء قلقه امام السفير الاميركي ايضاً.
وقد طلب من مستشاريه وضع رؤية سياسية كاملة عن احتمالات تغيير الأنظمة العربية الصديقة للغرب، وانعكاس هذا الأمر على مستقبل القضية الفلسطينية.
تقويم المستشارين شدد على أهمية التفوق العسكري النوعي مقابل تسلّح الدول العربية وقدراتها المتطورة. واقترحوا ايضاً خططاً جاهزية لتنفيذ أعمال هجومية استباقية في حال قيام مواجهة مفاجئة. وكرروا قلقهم من البناء العسكري الكمي والنوعي للجيش المصري، والتهديد المحتمل الذي يمثّله للقوات الاسرائيلية.
كذلك أعلنت وثيقة المستشارين عن معارضتها القوية لصفقة مصرية – اميركية تحصل بموجبها القوات المسلحة المصرية على صواريخ مضادة للاشعاعات. ومثل هذه الذخائر في نظرهم، تمثل تهديداً قوياً للتفوق النوعي الاسرائيلي.
وفي نهاية الوثيقة، شدد المستشارون على أهمية المحافظة على معاهدة السلام في مصر كونها تمثل قيمة استراتيجية لا تعوض. لهذا  السبب وسواه تتوقع واشنطن اجتراح مبادرة شجاعة يقوم بها نتنياهو قبل ان يدركه تسونامي التغيير ايضاً.
 

سليم نصار     
(كاتب وصحافي لبناني – لندن)      

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,527,855

عدد الزوار: 7,760,038

المتواجدون الآن: 0