القضية الفلسطينية... عودة إلى الأمم المتحدة

تاريخ الإضافة الخميس 28 نيسان 2011 - 6:18 ص    عدد الزيارات 522    التعليقات 0

        

 
القضية الفلسطينية... عودة إلى الأمم المتحدة

 
جيمس زغبي
يمر الشرق الأوسط في الوقت الراهن بحالة من الغليان حيث تعاد كتابة خريطته بأيدي المتمردين على الوضع القائم. أما في قلب المنطقة، وتحديداً في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، فنجد أن الفاعلين، من جميع الأطراف، ما زالوا على حالهم، يلعبون اللعبة نفسها، ويقدمون المشاهد المبتذلة نفسها.
في الأسابيع الأخيرة أكد الرئيس الأميركي، والأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من رؤساء الدول على أهمية حل هذا الصراع. ولكن باستثناء الإصرار (الذي يساوي في جوهره بين الضحية والجلاد) على أن «الطرفين يجب أن يعودا لمائدة المفاوضات»، فإن، على ما يبدو، لا أحد من هؤلاء لديه فكرة مبتكرة بشأن الكيفية التي يمكن بها تحقيق ذلك.
وهذا الإصرار على إعادة استئناف المفاوضات يتجاهل الواقع السياسي.
فالمحادثات ظلت تتحرك حيناً وتتوقف حيناً على مدار العشرين عاماً الماضية من دون فائدة. فنظراً لأن الفلسطينيين لا يمتلكون أوراقاً، وليس لديهم نفوذ، فإنهم كانوا يأتون إلى مائدة المفاوضات على مدار العقدين الماضيين كطلاب حاجة، لا كمفاوضين. أما الإسرائيليون الذين كانوا يمتلكون كافة الأوراق، فكانوا يستفيدون من هذه الميزة ويحددون مقدماً ما هي الأوراق» التي سيتم بحثها، وما هي الموضوعات غير المطروحة للبحث «أي إنهم كانوا يقومون بفرض الإملاءات وليس بالمفاوضات».
فالإسرائيليون يصرون، على سبيل المثال، على أنهم يريدون مفاوضات حسنة النية، من دون شروط مسبقة. في الوقت نفسه لا يتوقفون عن التوسع في بناء الكتل الاستيطانية بالضفة الغربية التي يدعون «إن كل شخص يعرف جيداً أنها ستعود إلينا ضمن تسوية سلمية نهائية» لما يطلقون عليه «القدس الكبرى» (كتلة من الأراضي ملحقة بصورة غير شرعية تشمل عدداً من القرى الفلسطينية تقع في قلب الضفة الغربية)، كما يعلمون أن القدس «عاصمتنا الأبدية»، ولا يمكن التفاوض حولها. ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث يصر الإسرائيليون أيضاً على أن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، والمحافظة على المنطقة الأمنية في وادي الأردن مسألتان غير مطروحتين للنقاش. وعندما يسمع المرء كل ذلك، فإنه لا يملك سوى التساؤل حائراً: ما الذي يعنيه الإسرائيليون إذاً بـ «الشروط المسبقة».
وها نحن الآن نجد أنه بعد عامين ونصف عام على تولي إدارة أوباما، فإن الأفكار الخلاقة لم تأت سوى من قبل الفلسطينيين، الجانب الأكثر ضعفاً في الصراع. فمن ناحية نجح رئيس الوزراء سلام فياض في إصلاح الحكومة الفلسطينية في العديد من المستويات وحصل على تصديق على جهوده من العديد من المؤسسات الدولية تتفق جميعها في الوقت الراهن على أن الفلسطينيين قد باتوا جاهزين لتكوين دولتهم.
في الوقت نفسه، شرعت السلطة الفلسطينية في القيام بحملة لكسب التأييد الدولي لدعواهم الخاصة بإنشاء الدولة، وذلك من خلال التعهد بالذهاب إلى الأمم المتحدة في الخريف القادم، سعياً لاستصدار قرار يعترف بالدولة الفلسطينية. وعلى الرغم من أن بعض المحللين في الغرب يقللون من شأن هذا المجهود ويصفونه بأنه مجرد «إشارة جوفاء»، وأنه لا يمكن تكوين أي دولة فلسطينية من دون مفاوضات مع إسرائيل، إلا أن الإسرائيليين أصيبوا بحالة من الهيستيريا، ووصفوا التصويت على الدول الفلسطينية في الأمم المتحدة بأنه سيكون إذا حدث «تسونامي دبلوماسي»، وهددوا الفلسطينيين بالويل والثبور وعظائم الأمور، إذا ما ثابروا على هذا الجهد.
إن المرء لا يمكن أن يملك سوى التساؤل: كيف يمكن للإسرائيليين ومؤيديهم في الولايات المتحدة، أن يشجبوا هذا الجهد الدبلوماسي الفلسطيني من أجل الاعتراف بدولتهم، ويصفونه بأنه «عمل غير مفيد من جانب واحد»، في الوقت نفسه الذي يتجاهلون فيه بناء المستوطنات الإسرائيلية وبرنامج الضم الذي تمارسه في القدس والضفة الشرقية؟ وألا يمثل الاقتراح الخاص الذي تقدم به نواب في الكونغرس بقطع التمويل الأميركي عن المنظمة الدولية، إذا ما وافقت على إعلان دولة فلسطينية، ألا يمثل «عملاً غير مفيد من جانب واحد».
وإذا افترضنا صحة رأي من يقولون إن قرار الأمم المتحدة بالموافقة على إنشاء دولة فلسطينية لن يكون كافياً وحده لإنشاء دولة فلسطينية بالفعل نظراً لأن الولايات المتحدة سيكون بمقدورها استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن ضد هذا القرار، فلماذا الإصرار على حرمان الفلسطينيين من حقهم في التصويت على الاعتراف بدولتهم؟ ولماذا يؤدي هذا إلى خلق كل تلك الهيستيريا سواء في إسرائيل أو في أوساط مؤيديها في الولايات المتحدة؟ هل كل ما هنالك هو أنهم لا يريدون أن يروا تصويتاً، أم إنه ليس بمقدورهم خسارة التصويت، أم إنهم يخشون فحسب فقدان سيطرتهم على المناقشة؟
على أي حال، مع اقتراب جلسة الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر المقبل، يحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي لظهور كبير آخر في واشنطن في محاولة منه لكسب الصوت الواحد والوحيد الذي يشعر أنه بحاجة إليه لصد الضغط الدولي وهو صوت الكونغرس. فبسبب قلقه من قيام أوباما قريباً بتقديم خطته التي تحتوي على إطار أميركي جديد لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، جاهد نتنياهو حتى انتزع دعوة لزيارة الولايات المتحدة لمخاطبة الكونغرس وإحباط جهود السلام.
من المتوقع أن يحاول استباق أوباما من خلال كشف النقاب عن مقترحه الذي لن يزيد كما تفيد كافة المؤشرات على موافقته على اتخاذ الحد الأدنى من الخطوات التي كان قد رفض القيام بها من قبل عندما رفض اتفاقية أوسلو. وعلى الرغم من أن ذلك سوف يتم اعتباره «أقل مما ينبغي»، ويأتي «متأخراً عما ينبغي» سواء من قبل الفلسطينيين أو من معظم دول العالم فإنه سوف يقابل كما هو متوقع بعاصفة من التصفيق من الكونغرس.
السؤال: ما الذي يتعين على واشنطن والرئيس الأميركي القيام به في هذه الحالة؟ نظراً لإدراكه ضعف موقفه من الكونغرس وتأييد الكونغرس لإسرائيل، فإن ما يمكن أن يفعله هو أن يتنحى عن الطريق ويدع الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتصوت على إعلان الدولة الفلسطينية ثم يسمح لهذا الإجراء بالمرور في مجلس الأمن من دون أن يعترض عليه.
فإذا لم تكن الولايات المتحدة قادرة على القيام بما هو أكثر مما قامت به بالفعل حتى الآن، فإن أفضل شيء هو ألا تفعل شيئا في الوقت الراهن، وتدع إسرائيل تواجه التبعات في الخريف القادم، فذلك سوف يكون أذكى شيء يمكن أن تقوم به.

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,539,843

عدد الزوار: 7,760,282

المتواجدون الآن: 0