سوريا: الشعب تغير لا النظام

تاريخ الإضافة السبت 30 نيسان 2011 - 6:06 ص    عدد الزيارات 537    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
سوريا: الشعب تغير لا النظام

المشاورات العربية - الأميركية - الفرنسية حول سوريا أبرزت الواقع المعقد الآتي لمسار الأوضاع في هذا البلد: "الشعب السوري أثبت انه مستعد للتضحية من أجل إنجاز التغيير الحقيقي، لكن نظام الرئيس بشار الأسد ليس مستعداً للتضحية من أجل تأمين هذا التغيير الذي يؤدي الى تعديل تركيبة النظام وطبيعته وتوجهاته جذرياً. نظام الأسد لم يسقط ولم يرضخ ولم يقدم تنازلات واسعة، لكنه لم ينجح، وهو تجاهل الدعوات الداخلية والخارجية الى الإصلاح واتخذ إجراءات لتحسين صورته واحتواء المحتجين، أبرزها إنهاء حال الطوارىء وإلغاء المحكمة العليا لأمن الدولة وتنظيم التظاهر السلمي ووضع ضوابط له لمنع الاحتجاجات المعادية له. لكنه لم يذهب أبعد من ذلك. وسوريا انشقت، وهذا تطور خطير، إذ ان المحتجين يمثلون رأياً عاماً يضم غالبية صامتة وخائفة من المواطنين الراغبين في إصلاحات جدية سياسية وأمنية وإجتماعية وإقتصادية تحررهم من القبضة الأمنية المشددة وتلغي كل القوانين والإجراءات الإستثنائية وتحارب الفساد فعلاً وتحقق العدالة وتعزز سلطة القانون واستقلال القضاء وتطلق الحريات وتتبنى النهج الديموقراطي والتعددية الحزبية مما يؤدي الى التداول السلمي للسلطة من خلال إنتخابات تشريعية ورئاسية حرة وشفافة. الواقع اليوم ان الطرفين في مأزق حقيقي: إسقاط النظام بالغ الصعوبة والتعقيد والإحتجاجات الشعبية الواسعة ليست كافية وحدها لإطاحته لأن تركيبته وعلاقته الوثيقة بالجيش وبمجموعة كبيرة من الأجهزة العسكرية والأمنية وتماسك قيادته الى الآن تؤمن له حماية، على الأقل لفترة زمنية معينة يصعب تحديدها. وفي المقابل، ان وقف المد الشعبي المتنامي المعارض للنظام أمر بالغ الصعوبة لأن السلطة عاجزة، مهما امتلكت من أدوات، عن منع مواطنين من التوجه الى الموت أو الى الإعتقال دفاعاً عن مطالبهم الحيوية المشروعة".
وبناء لمعلومات وتقويم ديبلوماسي أوروبي معني بهذا الملف "سيواجه النظام السوري مصاعب جدية وتحديات ليس لها سابق تفتح الباب أمام إحتمالات عدة إذا تحكمت بسوريا المعادلة الآتية: النظام يرفض التغيير الحقيقي ويكتفي بإصلاحات جزئية أو شكلية ويستخدم العنف ضد المتظاهرين، والإحتجاجات الشعبية تتواصل وتتمدد ويرتفع معها سقف المطالب. هذه المعادلة الخطرة تطيل أمد الأزمة وتعقدها وتحول الإحتجاجات تدريجاً ثورة شعبية والقمع عملية عسكرية - أمنية واسعة منتظمة لإعادة "الصمت والهدوء" الى الشوارع ولإقناع السوريين بالرضوخ مجدداً للسلطة ولما تقرره هذه السلطة".
والرد الدولي؟ ديبلوماسي أوروبي مطلع لخص لنا الموقف: "الدول البارزة والمؤثرة ترفض قبول الأمر الواقع الذي يريد نظام الأسد أن يفرضه على شعبه وترفض التسامح مع هذا النظام بل ترى أن من الضروري محاسبته لأن ما يجري في سوريا ليس شأناً داخلياً بحتاً إذ إن المجتمع الدولي يتمتع بحق المتابعة ويتصرف على أساس أن لديه مسؤولية سياسية وقانونية ومعنوية تجاه مصير الشعب السوري. العقوبات والإجراءات الدولية المتنوعة على نظام الأسد لن تردعه ولن توقف بالضرورة العمليات العسكرية ضد المحتجين، لكنها تعقد علاقات سوريا مع الدول البارزة وتزيد الحصار السياسي والديبلوماسي والإقتصادي عليها، مما ستكون له نتائج وإنعكاسات مهمة ومؤثرة على الأوضاع في هذا البلد لاحقاً".
وقال هذا الديبلوماسي: "لن يخرج نظام الأسد من هذه الأزمة أكثر قوة ومناعة ولن يستطيع أن ينتصر فعلاً ولو ألحق "الهزيمة" العسكرية والأمنية بشعبه، بل إن الإنتصار الحقيقي يكرسه التفاهم على صيغة جديدة للعلاقة بين النظام والسوريين".
والمشاورات العربية - الإقليمية - الدولية تناولت مناقشة مشروع حل محتمل للأزمة يستند الى ثلاثة عناصر أساسية هي: أولاً - الإعتراف بأن الحل الحقيقي المناسب للأزمة ليس الذي يلائم النظام وحده بل الذي يؤمن مطالب السوريين الأساسية المشروعة. ثانياً - بدء حوار سياسي جدي بين أركان النظام وممثلي القوى السياسية والشعبية المعارضة له برعاية عربية أو تركية إذا وافق الطرفان الأساسيان على ذلك. ثالثاً - التوصل الى عقد سياسي جديد يؤدي الى قيام نظام منفتح في الداخل والخارج يحقق التطلعات الحيوية لمواطنيه ويمهد لتداول سلمي للسلطة.
ولخص ديبلوماسي غربي مطلع الوضع في سوريا فقال: "الشعب السوري تغير وفاجأ العالم إذ انه أسقط حاجز الخوف ونزل الى الشارع ورفع الصوت عالياً وطرح مطالبه بشجاعة فائقة كما فعل التونسيون والمصريون والليبيون وغيرهم. لكن النظام لم يتغير. والصدام سيستمر ما دام النظام السوري يرفض التعامل بانفتاح وحكمة ومرونة ووعي مع الوقائع الصلبة في الداخل والخارج".

عبد الكريم أبو النصر     

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,540,194

عدد الزوار: 7,760,298

المتواجدون الآن: 0