أحداث تمحو نظام قرن كامل (2)

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 أيار 2011 - 7:10 ص    عدد الزيارات 575    التعليقات 0

        

 
سجعان القزي
تتألف شعوبُ المَنطقةِ من مئاتِ الأعراقِ المتحفِّزةِ للتورطِ في حروبٍ أهليةٍ رُغم أنها أَدرَجت نضالَها التاريخيَّ، عـبْرَ قرنٍ كامل، تحت شعاراتٍ قوميةٍ وَحدوية. اليوم، كلُّ أشكالِ الكياناتِ والأنظمةِ باتت مُمكنةَ الانتشارِ في العالم العربي: التقسيمُ في السودان، الفدراليةُ في العراق، الوَحدة في مصر، الديموقراطيةُ في تونس، والباقي آتٍ. أما لبنان فهو على مسافةٍ شبهِ متوازيةٍ من هذهِ النماذج، وسيَختارُ أحَدَها في ضوءِ تنوُّعِ مُكوِّناتِه الدينيةِ والحضارية.
تُشرِف هذه الشعوبُ الثائرةُ على أربعةِ «بِحـار»: الأبيضُ المتوسط، الأحمرُ، العربيُّ ـ الفارسيّ، والعربيُّ ـ الهندي. وتَرصُد أربعةَ مضائق: قناةُ السويس، بابُ المندِب، مَضيق هرمز، وشَطُّ العرب. وتُشكِّل هذه البحارُ والمضائقُ شبكةَ العبورِ الرئيسةِ للنفطِ والغازِ والمعادنِ نحو الغربِ وأفريقيا وآسيا وأميركا.
واللافتُ أن حركةَ التغييرِ في العالمِ العربيِّ تَعقُب مجموعةَ تطوراتٍ آسيويةٍ قَـدَّمت للدولِ الصناعيةِ مصادرَ جديدةً لاستيرادِ النفطِ والغازِ من خارجِ العالم العربي. وأبرزُ هذه التطوراتِ اثنان: الأول: العملُ سنةَ 2005 بخطِّ نقلِ النفطِ الممتَدِّ بين باكو (أذربيجان) وتبيليسي (جورجيا) وكيهان (شاطئ تركي على المتوسط)، والآخر: تفعيلُ منظمةِ دولِ بحرِ البلطيق سنةَ 2009 (إيران، أذربيجان، روسيا، كازاخستان وتركمانستان).
قد يستغربُ البعضُ هذا الربطَ إلى حين إدراكِ أمرين: الأول، أن الاستراتيجيةَ الأميركـيّـةَ التي تَشمُلُ لبنانَ والشرقَ الأوسط تَرتسمُ حدودُها من جنوبِ روسيا إلى المحيطِ الهندي، ومن السويس حتى سِنْـغيانغ شمالِ غربي الصين، وهي مَنطقةٌ يعتبرها البنتاغون تَـعجّ بالأزَماتِ السياسيةِ التي تتحوّلُ حروباً. والثاني، أن واشنطن كانت تُخطِّطُ لتخفيفِ استيرادِها نَفطِ الخليجِ العربي بِدءاً من سنةِ 2011، لكنّ ضآلةَ الاحتياطِ النفطيِّ في بحرِ قزوين جعلها تُعيد النظرَ في هذا الأمر.
لذلك يُـهِمُّ الولاياتُ المتّحدةُ الأميركيةُ أن تَبقى الحالةُ الثورية العربية ـ على الأقلِّ مرحلياً ـ دونَ حدودِ دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجي، كما يَعمل مجموعُ الدولِ الصناعيةِ الكبيرةِ على تحييدِ أحداثِ اليابسةِ عن الممرَّاتِ البحريةِ، وعلى فصْلِ ثوراتِ الشعوبِ عن مناطقِ الثروات. وإذا كان النظامُ الدوليُّ السابقُ ربطَ الثرواتِ بالأنظمةِ وتَحكَّمَ بالاثنين معاً، فالنظامُ الجديدُ، الدوليُّ/ الإقليمي، سيحاول الفصلَ بين الثوراتِ والثرواتِ بانتظارِ استتبابِ الأوضاعِ الدستوريةِ والسياسيةِ والعسكريةِ والأمنيةِ في كل بلدٍ (مَـثَلُ ليبيا).الجانب الشفاف في الثوراترُغم ذلك، يُخطئ من يَظنُّ أن ملايين الناس تحرَّكت في العالم العربيِّ بـ «كبسةِ زرّ» من هذه الدولةِ أو تلك. إن التدخّلَ الخارجيَّ يُحدِثُ حرباً لكنه لا يَصنعُ ثورة. الدول الكبرى تُـوفِّر ظروفاً موضوعيةً لانطلاقٍ ثوراتٍ هاجعةٍ في أحشاءِ الشعوب (دورُ الحاضنة)، لكـنّـها لا تستطيعُ أن تَخلُقَ ثورةً من العدم. إنها تقومُ بعملٍ ما في نقطةٍ محدَّدةٍ (بولونيا في أوروبا الشرقية ولبنان في الشرق الأوسط)، فـتَـتَشجَّع شعوبٌ أخرى فتثور وتَـكُـرّ السُبحة. إن دورَ الدولِ الكبرى الحقيقيَ يبدأ، عادةً، قبلَ اندلاعِ الأحداثِ (تحضيرُ الظروف) وبعد انتهائِها (إجراءُ التسويات)، أما أثناءَ المرحلةِ التنفيذيةِ، فإنها تُمَـوّلُ أو تُسلِّحُ أو تساعد أطرافاً (في الحروب والثورات) بشكلٍ يُؤثر على مجرى الأحداثِ وتوازنِ القِوى.
حين تثور الشعوبُ، لا تُفكِّر بلُعبةِ الأمم، ولا بالنَفطِ والغازِ وبواطنِ الأرض، بل بالخبزِ والحريةِ، بالكرامةِ والعدالة، بمجتمعٍ جديدٍ، بغدٍ أفضل، بضمانِ مستقبلِ أولادِها. الثورةُ «سَكرةُ» الشعوبِ، وبعدَها يبدأ التفكير. لكن المهمَّ ألاّ تطولَ السَكرةُ فـتَقمعُ الأنظمةُ الثورةِ، وألا تطولَ فترةُ قمعِ الأنظمةِ للثورةِ فـيَحصُلَ تَدخُّلٌ خارجيّ، فالمجتمعُ الدوليُّ المعاصر يتغاضى عن الحروبِ لا عن المجازِر.
إن التغييرَ النفسيَّ قد حصَل في العالمِ العربي، ويبقى التغييرُ السياسي. إنَّ أهمَ حدثٍ تغييريٍّ في الدولِ العربيةِ هو ثورةُ الشعوبِ على الخوف، فسقوطُ خوفِ الشعبِ أهمُّ من سقوطِ الأنظمة. لقد بَرز الشعبُ عامِلاً جديداً بين الأنظمةِ الدكتاتوريّـةِ والحركاتِ الأصوليةِ. وهو ضِدُّ الطرفين مبدئياً، ويسعى لإخراجِ مجتمعاتِـه من هذا الصراعِ الثنائيِّ السلبي ليكونَ هو الخِيارُ الأساسي في حركةِ التغيير. لذا، يُفترض بالدولِ الديموقراطيةِ في العالمِ أن تَعتمِدَ الشعبَ، كحالةٍ قائمةٍ بذاتها، وتدعمُه بديلاً تقدميّـاً في الدولِ العربيةِ وقوّةِ ضغطٍ لمنعِ شَطَطِ أنظمةِ ما بعدَ الثورة. صحيحٌ أن الشعبَ يثورُ من أجلِ القيمِ من دونِ قيادةٍ واضحةٍ، لكنَّ قِـيمُـهُ تَـفرُزُ قياداتٍ لاحقاً.الشعب هو المحاورغداةَ الحربين الأولى والثانيةِ تعاقدت الدولُ المنتصرةُ مع حكّامٍ محلـيّين لإنشاءِ النظامِ الحاليِّ من دونِ المرورِ بالشعوب، بحُجّـةِ أنَّ الشرقَ العربيَّ كان، آنذاك، ولاياتٍ اعتباطيةَ التقسيمِ تابعةً للإمبراطوريّـةِ العُثمانية. أما اليوم، مع وجودِ كِياناتٍ وطنيةٍ قائمة، يُفترض بالدولِ الكبرى، وبخاصةٍ الأممُ المتحدة، أن تَتعاقدَ مع الشعوبِ مباشرةً، وإن اضطُـرّت أحياناً ومرحلياً إلى الاستعانةِ بمؤسساتِ الأنظمةِ القائمة.
وفي الإطارِ نفسِه يَتوهم من يعتقد أن أميركا أو إسرائيل أو روسيا أو أيَّ دولةٍ في العالمِ تستطيع وقفَ الأحداثِ في أيِّ بلدٍ عربي إذا تجاوبَ النظامُ القائمُ مع مَطلبٍ أميركيٍّ أو إسرائيليّ. إن الخلافَ اليومَ ليس بين الدولِ الكبرى وأنظمةِ المَنطقةِ فقط، بل بين هذه الأنظمةِ وشعوبِها. والدليلُ أن الثورةَ مستمرةٌ في دولٍ عربيةٍ أَزارَ رؤساؤُها الكنيست الإسرائيليّ مثلَ أنور السادات، أم أعلنوا الحربَ على إسرائيل مثلَ «لا أحد». وأساساً، لم يعد أيُّ نظامٍ عربيٍّ اليومَ قادِراً على أن يَصنع سلاماً مع إسرائيل أو أن يُحاربها، كما لم يَعد أيُّ نظامٍ محاوِراً موثوقاً مع المجتمع الدولي. نحن نعيش مرحلةً انتقاليةً طويلةَ الأمدِ بين أنظمةٍ قيدَ السقوط وأخرى قيدَ الإعداد.
وما يُثبتُ هذه النظريةَ، الإرباكُ والانقسامُ والحَـيْرةُ التي وَقعت بها الدولُ الكبيرةُ في تقريرِ طريقةِ التعاملِ مع أحداثِ العالمِ العربي وحدودِ تدخُّلِها العسكري. صحيحٌ أنَّ هذه الأحداثَ متوقَعةٌ في منطقِ التاريخ، لكنَّ توقيتَ انفجارِها هو رَهنُ حدثٍ آنيٍّ في بيئة ناضجة للانتفاض (إشعالُ الشابِّ التونسي، محمد البوعزيزي النارَ بنفسِه في 17 كانون الأول 2010).
إن التدخّلَ الأساسيَّ الذي أقدمت عليه أميركا وأوروبا في الدولِ العربيةِ، هو أنها قَـدّمت للشعوبِ العربيةِ تكنولوجيا المعلوماتية لا السلاح، ونَموذجَ مجتمعٍ مُختلِفٍ عن النَموذجِ الأحاديِّ المُغلَقِ الذي تعيشه. إن الشعوبَ العربية التي أخذت على أنظمتِها في العقودِ السابقةِ تحالفَها مع الولاياتِ المتحدة، أقصى أحلامِها الآن أنْ تَتشبَّـهَ بالمجتمعِ الأميركي. وإنجازُ الغربِ أنه استأجَر لوحةً إعلانيةً على طريقِ الشرقِ الأوسطِ السريع وعَرضَ عليها مفاتنَ الحريةِ والديموقراطية والرَخاء. شاهدت الشعوبُ العربيةُ الإعلان، استَوقَفها، قارَنتهُ بشِعاراتِ أنظمتها، ففضَّلته عليها واقـتَبستْه ونَزَلت إلى الساحات. عفويةُ هذه الثوراتِ لا تَحجُب دعمَ قِوى خارجيةٍ لها، والدعمُ الخارجيُ لها لا يَنتقصُ من شرعيّتِها ووطنيتِها.
الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ، التي طالما اتهمناها بالغَباءِ وبالانقيادِ وراءَ منطقِ الكومبيوتر في وضعِ استراتيجيتِها من دون اعتبارِ العاملِ الانسانيِّ ووقائعِ الأرض، نَجحت في تظهيرِ ديناميكيةِ التغييرِ والثورةِ في بلدان العالمِ العربي. لا بل بَذلَت جُهداً لتصحيحِ أخطاءٍ عديدة سابقة: انسحَبت من العراق، دَفعت إسرائيلَ إلى قَبولِ مبدأِ قيامِ دولةٍ فلسطينية، شاركت في سَحبِ الجيشِ السوريَّ من لبنان، دَعمت حركاتِ التحرير في عددٍ من الدول العربيةِ والإسلامية. لقد تسرَّع الذين نَعوا الاستراتيجيةَ الأميركيةَ في الشرقِ الأوسطِ حين تعقّدَ الدورُ الأميركيُّ في العراق. ولا نتسرعُ بالمقابلِ في رثاءِ الثوراتِ العربيةِ وهي تَـتَـعـثَّر في بعضِ البلدان. إن الصمودَ يَستجلبُ، مع الوقت، الدعمَ أكثرَ من الانتصار.
ومن المفارقاتِ أن تكونَ أميركا هي «حاضنةُ» تحرّرِ الشعوبِ العربيةِ وانتقالِها إلى الديموقراطية. فحيثُ تَدخّلت أميركا تَـغـيّرت الأنظمةُ التعسّفيةُ، وحيثُ لم تَتدخّل جِدّياً تَباطأت الثوراتُ وغَرِقت في رِمال حروبٍ أهلية. وأَجزُم أن أميركا ـ ودول أوروبا استطراداً ـ لم تَتوقَّف منذ أوائلِ التسعينيات عن حثِّ أصدقائِها وحلفائِها، قادةِ الدولِ العربية، على الانفتاحِ والتطورِ وإجراءِ إصلاحاتٍ وانتخاباتٍ شعبية. والاصلاحاتُ المحدودةُ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ ودولِ الخليجِ ومِصرَ والمغربِ العربيِّ ما تَمـَّت إلا تحتَ ضغطِ واشنطن وأوروبا مباشَرة. وما دامت مؤسسةُ «ويكيليكس» تنشر محاضرَ لقاءاتِ الدبلوماسيين الأميركيين مع المسؤولين العرب، فلماذا لا تَنشُر محاضرَ الاجتماعاتِ حولَ الإصلاح؟من الثورة إلى السلطةهذه المسيرةُ ستستغرق عقوداً لأن التغييرَ يَمرُّ في عدةِ مراحل، أسهلُها إسقاطُ النظامِ القائمِ وأصعبُها الاتفاقُ على النظامِ البديلِ الدائم. وبين المرحلتين تَقعُ كلُّ أنواعِ الأحداث، إذ ينتقلُ الثائرون من مرحلةِ الشعاراتِ إلى مرحلةِ المشاريع، ومن مشاعرِ الرومانسيةِ وغِوى الأحلامِ إلى منطقِ الواقعيةِ وافتراقِ المصالح. وتَخال الشعوبُ أحياناً أنها بَلغت مُرادَها فـتَزهو، وتَشُعر أحياناً أخرى أنها خَسِرت رِهانَها فـتُحبَط. لكن سِرعان ما يستأنف التغييرُ مسيرتَـه، و«من يَصمدْ إلى النهايةِ يَخلُص». إن الثابتَ الوحيدَ في هذا العالمِ هو التغيير. وما يطيلُ عمليةَ التغييرِ في الشرقِ هو أن الشعوبَ، وإن اقتدى بعضُها بالبعضِ الآخر، فإنها لا تتعلّم من تجاربِ بعضِها. ليست الثوراتُ خَطاً مستقيماً ولا نظاماً بديلاً. إنها حالاتٌ عكِرةٌ وهوجاءُ، تحتاج إلى غَربلةٍ وتنقيةٍ وإلى إخضاعِ مسيرتِها، لاحقاً، للعقلِ والحِكمة. الثوراتُ تُسقط نظاماً فاسداً لكنها لا تَصنعُ دائماً حُكماً عادلاً.
والخشيةُ الكبرى لديَّ ألاّ تَفرُزَ الثوراتُ العربيةُ، في المدى المنظورِ، تغييراً نوعياً نحو الأفضل، في حين أنَّ التغييرَ في الغربِ هو نوعيٌّ وتقدميٌّ، ويَحدُث من دونِ اللجوءِ إلى ثوراتٍ دمويةٍ باستثناء حربِ البوسنة. في الأنظمةِ الديموقراطيةِ تحصُل ثورةٌ كلَّ يومٍ من خلالِ التشريعِ وتحديثِ القوانين. أما في الدولِ التوتاليتاريّـةِ، فالثورةُ، وإن حَصلت، فلا تَرفِد حتماً في الديموقراطية والإصلاح.
لقد سَبق أن احتوَت الدولُ الكبرى ثوراتِ الشعوبِ وأقامت يعضَ الكياناتِ والأنظمةِ المعاكِسةِ لهوى الثوراتِ وحقِّ الشعوبِ في تقريرِ المصير. ألم تَـتَحوَّل ثوراتِ القوميةِ العربيةِ في القرنِ الماضي إلى أنظمةٍ تابعةٍ للبريطانيين والفرنسيين والإيطاليين بعد الحربِ العالميةِ الأولى، وللولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد الحربِ العالمية الثانية؟ وما يُعزِّز خِشيتي هو أنَّ كلَّ تطورٍ في العالمِ العربيِّ يظلّ محكوماً بدورِ إسرائيل، بالنفوذِ الأميركي، بالثروةِ النفطية، بهيمنةِ الشريعة الإسلامية، بالانقساماتِ المذهبية، وبذهنيةِ النخب السياسيةِ الجديدة. وكَشفت المعطياتُ تِباعاً وجودَ حلْقةٍ خفـيّـةٍ تربُط بين كل هذه العناصرِ وتَـلـتَـفُّ على عُـنُـقِ الشعوبِ الحالمةِ بالثوراتِ والتقدّم. إذا لم تحمِ الشعوبُ العربيةُ ثوراتِها، ستستَغلها أميركا وأوروبا وإسرائيل لترسمَ خريطةَ نفوذِها الجديد. مَنْ يزرعُ الشجرةَ ليس هو من يَقطفُ ثمارَها دائماً؟

([) نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية

 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,553,275

عدد الزوار: 7,761,212

المتواجدون الآن: 1