"النهار" تُعاين بؤر التوتر في لبنان [2]..ماذا يحصل بين باب التبانة وجبل محسن إذا سقط نظام الأسد؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 شباط 2012 - 5:29 ص    عدد الزيارات 1083    التعليقات 0

        


عباس صالح

"النهار" تُعاين بؤر التوتر في لبنان [2]

ماذا يحصل بين باب التبانة وجبل محسن إذا سقط نظام الأسد؟

 

كلما ازداد الحديث عن تطورات دراماتيكية في المشهد السوري، تعود الانظار لتتجه مجددا الى بؤر التوتر على الساحة اللبنانية، لانعام النظر في مدى امكان استخدامها شرارة لاشعال حروب بين اللبنانيين في اكثر من مكان مضطرب، ولا سيما بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة في الشمال، حيث الدم لا يزال نازفا، والجروح لم تندمل بعد، منذ جولتها الاولى عام 1986.
في هاتين المحلتين المتداخلتين جغرافيا وانسانيا وبيئيا، والمتشابهتين الى درجة التوحد في الهموم والحرمان والاهمال والفقر المدقع، يتجلى الصراع سابقا بأشد صورة بشاعة، مما يثير مخاوف من جولة جديدة من عنف حصد سابقا المئات من الابرياء والمقاتلين على كلتا الضفتين. اولم يحن الأوان؟
سؤال حاولنا ان نواجهه الى الطرفين، في اطار تحقيق ميداني اجرته "النهار" في ظل مخاوف من انعكاس الازمة السورية على لبنان.
إجابات الطرفين، على ديبلوماسيتها وهدوئها وخفوت نبرتها، لا تبشر بنهاية قريبة للاحتقانات المتصاعدة بينهما.

 

الجسر

النائب سمير الجسر، لا يوافق على ان ثمة مشكلة حقيقية بين جبل محسن وباب التبانة، ويقول: "ايام الوجود السوري والفلسطيني في طرابلس حصل ما حصل في تلك الفترة، ولكنه في الواقع كان يعكس صراعا بين الفلسطيني والسوري، وبعدما توقفت الحرب توقف كل ذلك، وهذا يعني ان الصراع كان سياسيا بامتياز ولم يكن صراعا طائفيا. وهذا الملف مع الاسف، يتحرك بقرارات سياسية من خارج المدينة. والدليل انه بعد اتفاق الدوحة تأخر تشكيل حكومة الرئيس (فؤاد) السنيورة فانفجر الوضع في طرابلس، ثم انتهى التأليف فوقفت المشكلة. واذ تأخر البيان الوزاري انفجر الوضع، وبعد صدوره توقف القتال، وهذا في ذاته يمكن ان يعطيك صورة كبيرة جدا. طبعا ثمة منتفعون من هذا الامر، لكن هؤلاء المنتفعين اذا لم يكن من غطاء سياسي كبير لهم لا يحدث اي شيء".
نسأله: هل تقصد ان اجهزة مخابرات تلعب بالساحة في طرابلس؟
فيجيب: "طبعا. واليوم هناك مؤيدون للشعب السوري وهناك مؤيدون للنظام السوري، وهذا متناقض، لكنه لا يدفع الناس للاقتتال، وبالتالي حين تنتهي العملية، لن يحدث اي مشكل".
وعن ردود الفعل الانتقامية يقول: "لن تحدث، ولا سيما اذا كان ثمة حضور واع للدولة وللاجهزة الامنية، فالامن الاستباقي يحول دون حدوث اي شيء، والناس يعرفون انه ليس هناك مصلحة لاحد ولا للمدينة الآن في ان ينجروا الى التقاتل، ولو وجد من يحرك الناس عن غباء فلا يفترض ان ينجر الناس وراءه".
لا يرى الجسر ان القيادة السياسية في جبل محسن وحدها في طرابلس من يعكس الموالاة للنظام السوري، "تلك نظرة خاطئة"، فهناك قوى سياسية اخرى في المدينة، كالقوميين السوريين "وحركة التوحيد" والكثير من القوى الموالية للنظام السوري، لذلك لا يوافق على ان الصراع القائم يتخذ طابع علوي – سني. ويؤكد ان "تاريخ المدينة لم يطبع بهذا الطابع الا في فترة محددة وكان هذا عنوانا لتغطية الصراع السوري – الفلسطيني يومها، ففي حينه كان كثير من العلويين موجودين في التبانة، وموالين للفلسطينيين ويقاتلون ضد السوريين. كما كان الكثير من السنة موالين للسوريين ويقاتلون الى جانب الحزب العربي الديموقراطي. لذلك ليس الفرز طائفيا ولم يكن يوما كذلك في المدينة".

 

عيد

لا تختلف مقاربة الامين العام للحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد لملف باب التبانة – جبل محسن كثيرا عن عنوان نظرية الجسر من ان ما يحدث هو من صنع مخابرات خارجية، الا انه متباين معه في الجوهر، وكلاهما يرى هذا "الخارج" بمنظور خياراته السياسية. يقول عيد: "ان صورة المشكلة في طرابلس وعنوانها سني – علوي، اما في جوهرها فليست كذلك، كأنها مشكلة الفقر والجهل ومشكلة استعمال الدين الاسلامي بطريقة خطأ، وهذه العناصر رفدت بدخول اجهزة مخابرات عالمية وعربية ومحلية مشبوهة تتعامل مع الاميركيين والاسرائيليين".
ويضيف: "الصراع اليوم هو صراع سياسي بامتياز، ولم يعد خافيا على احد ان ثمة طرفين في العالم العربي، الاول يمثل المقاومة، والثاني يعمل وفق اجندة المشروع التقسيمي الذي يريد تجزئة المجزأ في المنطقة".
لا يرى عيد خطرا محدقا بمدينة طرابلس في المدى القريب، "طالما ان الحكومة تدعم الجيش اللبناني، فلن يحدث شيء سيئ".
وعن حقيقة اسباب المواجهات التي تندلع بين جبل محسن ومحيطه بين فترة واخرى وسبل الحؤول دونها يقول: "يمكن ان اختصر لك الإجابة بقول مأثور للامام علي عليه السلام يقول: "اذا سلمت من الاسد فلا تطمع في صيده". يضيف "الهدوء مطلوب من الجميع ولا داعي للتجييش والنفخ في نار الفتنة، ونحن من جهتنا اعتبرنا ان زمن الصراعات ولى وانتهى منذ 23 عاما على اثر اتفاق الطائف، لكن للأسف بعد الطائف فوجئنا بان الموضوع لم ينته بعد، ومنذ مدة اختصرنا كل المشكلة بأن حملنا مسؤولية حمايتنا للجيش اللبناني المعني بحماية كل مواطن، ونحن نعول الآن على الجيش، اما اذا فلتت الامور، فمن الطبيعي ان تتدبر كل جماعة امرها، وحينها لا تستطيع ان تلومني على ما افعل لأحمي نفسي، اذ لن انتظر احدا ليدخل الى بيتي، ضمن هذا التجييش والاصطفاف المذهبي". وعن الانعكاسات المحتملة اذا سقط النظام السوري على الوضع بين باب التبانة وجبل محسن، يجيب: "في تلك الحال، سوف تسقط المنطقة العربية بأكملها في المجهول، وحينئذ سيكون من تحصيل الحاصل ان تشتعل في كل الامكنة ومنها طرابلس، لان هذه الفرضية لا تتعلق بنظام فحسب، بل تتعلق بمصير حلف يضم ايران وروسيا والصين ودول اميركا  اللاتينية والبرازيل والعراق وسوريا ولبنان".
ويقول: "انت تتكلم عن تداعيات سقوط نظام بشار الاسد على جبل محسن وباب التبانة، وانا اسألك ماذا ستكون تداعيات مثل ذلك على المسيحيين في لبنان مثلا؟ رأينا النموذج في العراق حيث هجر 700 الف مسيحي، ونرى النموذج في مصر، مثل ذلك يجعل رقاب كل الاقليات تحت السكين، وحتى اخواننا الدروز والاقليات كلها، رقابها تحت السكين. لا يعتقدن احد من الاقليات بانه مستثنى، او يقول انني اميل الى فلان وهو يحميني، لا احد يحمي احد. اثبت التاريخ ان الاقليات مجتمعة مع بعضها تشكل نوعا من الحماية لبعضها". ورأى ان "اجمل ما في مشكل سوريا هو انه اذا فرطت الامور فسيدفع الكل ثمنا، وليس من مصلحة احد الحركشة اكثر من ذلك. والاميركيون لن يحزنوا علينا ابدا".

 

المرج

المسؤول العسكري في منطقة التبانة احمد المرج قال: "هناك عدد كبير من ابناء هذه المنطقة، قتلوا في مجزرة وقعت خلال عام 1986 يقدر بنحو 600 الى 700 قتيل وهناك عدد لا يزال حتى الآن في المعتقلات السورية وبعضهم مفقود منذ حينه، ومنهم من قتل تحت التعذيب، ومنهم من اعدم".
واكد: "اذا سقط النظام لن نفتح اي معركة مع جبل محسن، بل ستكون معركتنا مع القضاء اللبناني لاسترداد حقوق الشهداء والمعتقلين من ابناء هذه المنطقة على غرار ما حصل مع حزب الله بعد تحرير الجنوب من الاسرائيليين".

 

خلف

محمد خلف، وهو احد المسؤولين الميدانيين في باب التبانة: "نحن لا نفكر في ان نقتلع الطائفة العلوية من هنا وليس لدينا اي تنظيم يفكر في هذا الامر، لكن للاسف الاخوان في الطائفة العلوية يربطون مصيرهم بمصير شخص بشار الاسد. نتفهم هواجس الطائفة العلوية في لبنان، لكننا لا نتحملها وليس عندنا اي شيء ضدهم، لكن عليهم ان يحفظوا مشاعرنا، وعندما يطلقون النار ابتهاجاً بخطاب لبشار الاسد فهم لا يحفظون مشاعر جيرانهم، ونحن جماعة نخاف الله ونريد ان نتعايش مع كل الطوائف".
 

 

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,343,402

عدد الزوار: 7,755,160

المتواجدون الآن: 0