سبع عقبات تواجه الحوار الأميركي – السوري..

تاريخ الإضافة الخميس 26 شباط 2009 - 6:38 م    عدد الزيارات 809    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبو النصر .... من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
"تريد ادارة الرئيس باراك اوباما ان تمتحن بنفسها نظام الرئيس بشار الاسد عبر اتصالات معه يجريها اعضاء في الكونغرس او مبعوثون غير رسميين لكي تتأكد من وجود استعدادات جدية لديه لاجراء تغييرات جذرية في موقفه من النظام الايراني المتشدد، وفي سياساته حيال قضايا المنطقة، معطية الاولوية في هذه المرحلة لمطالبة النظام السوري بالضغط على "حماس" لالتزام وقف العمليات العسكرية ضد اسرائيل والتخلي عن دولتها المستقلة في غزة، والتعاون مع الجهود المصرية لإنجاز المصالحة مع السلطة الوطنية الفلسطينية تمهيداً لاطلاق عملية تفاوضية جديدة مع اسرائيل. وقد تلقت ادارة اوباما ثلاثة انواع من النصائح، الاولى من دول عربية معادية لنظام الاسد تدعوها الى التشدد معه لانه متمسك بتحالفه الوثيق مع ايران ومع القوى المعادية للسلام، والثانية قدمتها فرنسا ودولتان عربيتان وتدعو الرئيس الاميركي الى اعتماد سياسة الانفتاح التدريجي المشروط والحذر على النظام السوري وربط اي تحسين للعلاقات الاميركية - السورية بخطوات واجراءات ملموسة محددة يتخذها هذا النظام وتثبت تخليه عن دعم سياسات إيران والقوى المتشدددة في فلسطين ولبنان والعراق والمنطقة عموماً كما تثبت استعداده الجدي للعمل على ازالة التوتر وتحقيق السلام في الشرق الاوسط بالتعاون مع اميركا والدول الغربية والدول والقوى العربية المعتدلة. اما النصيحة الثالثة فقدمتها دولة عربية تربطها علاقات جيدة بواشنطن ودمشق معاً وتدعو ادارة اوباما الى الانفتاح غير المشروط على نظام الاسد لانه يريد فعلاً التعاون مع الاميركيين لتعزيز الامن والاستقرار وتحقيق السلام في المنطقة"..... هذا ما كشفته لنا في باريس مصادر ديبلوماسية اوروبية وثيقة الاطلاع على خطط ادارة اوباما، واوضحت ان "سوريا، بالنسبة الى الادارة الاميركية الجديدة، ليست هدفاً في ذاته وان التقارب المشروط المحتمل معها ليس ايضاً هدفاً في ذاته، بل ان سوريا هي مجرد وسيلة تنوي واشنطن استخدامها من اجل اضعاف النظام الايراني المتشدد والخطر ووضع حد لطموحاته النووية العسكرية والتوسعية الاقليمية وتقليص قدرات المتشددين وامكاناتهم مما يساعد في حل عدد من النزاعات الساخنة بالوسائل الديبولماسية". واكدت ان ادارة اوباما تنوي في الوقت الملائم اجراء حوار صريح ومشروط مع نظام الاسد، كما انها تدرس تعيين سفير اميركي جديد في دمشق بعدما تم سحب السفيرة الاميركية من العاصمة السورية اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في شباط 2005. لكن العلاقات بين سوريا واميركا لن تبدأ من الصفر في عهد اوباما وكأن شيئاً لم يحدث بين البلدين في السنوات الماضية، بل ان ثمة إرثاً ثقيلاً وعقبات جدية عدة تعرقل التفاهم بين السوريين والاميركيين ويتطلب تجاوزها ان يجري نظام الاسد تغييرات جذرية في سياساته.
سبع عقبات بين واشنطن ودمشق...... ويتفق عدد من المقربين من ادارة اوباما والخبراء في الشؤون الاميركية، نذكر منهم خصوصاً دنيس روس منسق عملية السلام سابقاً والمرشح لتولي منصب مهم في الادارة الاميركية الجديدة، ومارتن انديك المدير الحالي لمركز شؤون الشرق الاوسط في معهد بروكينغز الوثيق الصلة بأوباما، وروبير ماليه مستشار الرئيس السابق بيل كلينتون والمدير الحالي لشؤون الشرق الاوسط في "مجموعة الازمات الدولية"، وزبغنيو بريجنسكي مستشار الرئيس السابق جيمي كارتر لشؤون الامن القومي واحد مستشاري اوباما، وبيتر هارلينغ المسؤول عن شؤون سوريا ولبنان والعراق في "مجموعات الازمات الدولية" يتفق هؤلاء على القول ان ثمة سبع عقبات اساسية تعرقل التقارب بين سوريا واميركا وتتطلب ازالتها ان يقدم نظام الاسد تنازلات مهمة، وان يحدث انقلاباً حقيقياً في سياساته وتوجهاته وتحالفاته.... وهذه العقبات هي الآتية:
اولاً، وجود مجموعة عقوبات اقتصادية ومالية وسياسية فرضتها ادارة بوش على سوريا وعلى مسؤولين بارزين فيها وتتطلب ازالتها ان يدفع نظام الاسد ثمناً سياسياً، وان يقدم تنازلات مهمة لادارة اوباما كما فعلت ليبيا التي قدمت مجموعة تنازلات اساسية الى الادارة الاميركية لتجاوز العقوبات المفروضة عليها ولفتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة والغرب عموماً في عهد الرئيس السابق جورج بوش.
ثانياً، وجود مجموعة قرارات صادرة عن مجلس الامن الدولي معادية فعلاً لسياسات نظام الاسد الحالية، اذ انها تؤكد تمسك المجتمع الدولي بلبنان المستقل، السيد، المتحرر من الهيمنة السورية، ورفض اخضاع هذا البلد مجدداً لاي وصاية سورية، وتؤكد كذلك رفض ابقاء لبنان ساحة مواجهة مفتوحة مع اسرائيل ودول اخرى من اجل استخدامه ورقة مساومة ومقايضة في المفاوضات السورية والايرانية مع الدول الكبرى، كما تطالب هذه القرارات الدولية نظام الاسد بضبط الحدود مع لبنان لوقف تهريب الاسلحة الى حلفائه، وبترسيم هذه الحدود لتكريس لبنانية منطقة شبعا رسمياً وخطياً لتسهيل استعادتها من اسرائيل بالوسائل الديبلوماسية. وتطالب هذه القرارات ايضاً بنزع سلاح "حزب الله" والتنظيمات الفلسطينية المرتبطة بدمشق.
ثالثاً، وجود محكمة دولية مكلفة، بقرار صادر عن مجلس الامن استناداً الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، محاسبة ومعاقبة قتلة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وقتلة شخصيات وطنية اخرى. ويرافق ذلك امتلاك لجنة التحقيق الدولية ادلة ومعلومات وشهادات عن تورط مسؤولين سوريين بارزين مع بعض حلفائهم اللبنانيين في جريمة اغتيال الحريري، وسترفض ادارة اوباما عقد اي صفقة مع نظام الاسد حول المحكمة الدولية، كما سترفض بحزم تجاهل هذه المحكمة او تجاوزها لانها ستنتهك بذلك قرارات عدة صادرة عن مجلس الامن في شأنها وبشأن التحقيق الدولي. واوباما سيحرص كل الحرص على احترام الشرعية الدولية والاخذ بقراراتها.
رابعاً، ان حلفاء نظام الاسد، اي خصوصاً "حزب الله" و"حماس" والنظام الايراني المتشدد، هم ألد اعداء اميركا وليس ممكناً المحافظة على علاقات وثيقة مع هؤلاء الحلفاء واقامة علاقات جيدة مع ادارة اوباما في الوقت نفسه.
خامساً، ثمة شبهات قوية لدى المسؤولين الاميركيين خصوصاً بأن سوريا تسعى سراً الى انتاج سلاح نووي بالتعاون مع كوريا الشمالية وبدعم خفي من ايران. والمطلوب اميركياً ودولياً من نظام الاسد، لازالة هذه الشبهات، التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والسماح لمفتشيها بزيارة المنشآت التي يريدون تفقدها، واعتماد الشفافية التامة في التعامل مع الوكالة. وهذا ما لم يحدث حتى الآن.
سادساً، ان النظام السوري تعاون على نطاق واسع مع الجهاديين واعضاء تنظيم "القاعدة" لضرب الامن والاستقرار في عدد من الساحات الاقليمية ابرزها العراق ولبنان، ولا يزال يتعاون الى حد ما سراً مع هؤلاء مما يشكل تهديداً مباشراً للقوات الاميركية وللانظمة الشرعية القائمة في عدد من الدول. والمسؤولون الاميركيون يملكون كميات كبيرة من الادلة والمعلومات عن هذا الملف الحساس والمهم.
سابعاً، ان سمعة سوريا "سيئة بل سلبية جداً" في الولايات المتحدة وبشكل محدد في الكونغرس وفي وسائل الاعلام وفي مراكز الابحاث بسبب سياساتها المتشددة وتحالفها مع ايران، ولان نظام الاسد مسؤول عن مقتل عدد كبير من الجنود الاميركيين في العراق نتيجة دعمه الجهاديين وتسهيل انتقال المئات منهم الى الاراضي العراقية خلال السنوات الاربع الماضية، وفقاً للاميركيين.
واستناداً الى ما قاله بيتر هارلينغ في ندوة عقدت اخيراً في باريس: "ان هذه العقبات كلها تحد جدياً من قدرة ادارة اوباما على التحرك في اتجاه سوريا وتجعل اي حوار يجريه مع نظام الاسد حواراً مشروطاً وصعباً وحازماً خصوصاً ان القوى المعادية للسوريين في الساحة الاميركية تتمتع بنفوذ واسع ومؤثر. ولذلك فالمطلوب من الاسد ان يتخذ قرارات حاسمة وجريئة، وان يقوم بخطوات مهمة، وينفذ اجراءات قوية تعكس فعلاً تغييراً جذرياً في سياساته الحالية حيال لبنان والعراق وفلسطين وايران و"حزب الله" و"حماس" واسرائيل والمنطقة عموماً من اجل اقناع ادارة اوباما بجدوى التقارب مع سوريا وفائدته".
المحكمة "تهديد قاتل" للنظام السوري..... ولكي تكون الصورة اكثر وضوحاً من الضروري التوقف عند آراء شخصيات بارزة قريبة من اوباما ومطلعة على خططه. فقد وصف مارتن انديك، في شهادة امام لجنة شؤون الشرق الاوسط في مجلس النواب الاميركي، سوريا بأنها "خصم اقليمي" لاميركا. وحذّر الادارة الاميركية الجديدة من وجود عقبة اساسية تواجه حوارها المحتمل مع النظام السوري وهي ان الكثير من الزعماء والمسؤولين العرب والاجانب الذين تعاملوا مع الاسد او تفاوضوا معه اصيبوا بخيبة امل كبرى "لان الرئيس السوري ابدى امامهم استعداده للتعاون والتجاوب مع مطالبهم، لكنه لم يفعل ذلك في معظم الاحيان، إما لانه ليس قادراً او لانه ليس راغباً في تنفيذ وعوده". واكد انديك ان من الضروري ان تعطي الادارة الاميركية الجديدة الاولوية لاطلاق عملية تفاوض جدية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وان تشارك فيها بفاعلية. وايد كذلك إقدام واشنطن على تسهيل المفاوضات بين سوريا واسرائيل ولكن شرط التمسك في الوقت نفسه باستقلال لبنان وسيادته، وبالمحكمة الدولية، والعمل على اطلاق عملية تفاوض جديدة بين لبنان واسرائيل، وتوقع انديك ان تؤدي المفاوضات السورية – الاسرائيلية المباشرة الى توتر في العلاقات بين دمشق وطهران في حال حققت النتائج المرجوة منها.
ويقول روبير ماليه في شهادة امام لجنة شؤون الشرق الاوسط في مجلس الشيوخ الاميركي انه ليست ثمة ضمانات بأن الحوار الاميركي مع نظام الاسد سيؤدي الى تغيير سلوكه او سياساته وتوجهاته وذلك بسبب طبيعة هذا النظام وتركيبته، وبسبب الخلافات الجدية حول عدد من المسائل المهمة بين سوريا واميركا وبسبب ازمة الثقة العميقة بين البلدين. وكشف ماليه ان نظام الاسد يواجه مصاعب وتحديات عدة ابرزها الانخفاض والتدني في شرعيته السياسية والاستقطاب الطائفي في المنطقة. كما يواجه مصاعب اقتصادية واجتماعية حادة نتيجة خسارته المساعدات الخارجية وعدم وجود استثمارات عربية او اجنبية مثمرة وحقيقية في بلده، واحتمال وقف انتاجه النفطي في مستقبل منظور.
وحذّر ماليه من ان المحكمة الدولية هي "العقبة الاساسية" امام اي تحسن محتمل في العلاقات بين دمشق وواشنطن، اذ ان نظام الاسد يرى ان المحكمة تشكل تهديداً قاتلاً له، في الوقت الذي ترفض الادارة الاميركية تعطيل عمل هذه المحكمة او تجاوزها. وضمن هذا الاطار حرص اوباما على التأكيد علناً، عشية الذكرى الرابعة لاغتيال الحريري، ان اميركا تدعم بشكل كامل المحكمة الدولية، وان تضحية الحريري لن تذهب سدى.... في هذا الاطار اكد تقرير جديد اصدرته قبل ايام "مجموعة الازمات الدولية" عن العلاقات السورية – الاميركية ان الحوار بين ادارة اوباما ونظام الاسد لن يكون سهلاً ومضمون النتائج سلفاً، بل سيواجه مصاعب وعقبات وهذا يتطلب "التحرك بحذر" في اتجاه دمشق. واوضح هذا التقرير ان ادارة اوباما لن تستطيع الغاء العقوبات المفروضة على سوريا من دون ان يجري نظام الاسد تغييرات حقيقية وجدية في سياساته وتوجهاته تنسجم مع المطالب الاميركية. واكد التقرير ايضاً ان اي تقارب محتمل بين اميركا وسوريا لن يكون اطلاقاً على حساب لبنان المستقل، ولن يؤدي الى اخضاع هذا البلد مجدداً للهيمنة السورية، اذ ان ثمة "توافقاً قوياً" بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري على ضرورة صون استقلال لبنان وسيادته وحمايتهما. كما ان اي تقارب اميركي – سوري محتمل لن يؤدي الى اي "تسوية او صفقة" حول المحكمة الدولية، بل ان ادارة اوباما مصممة على تقديم الدعم الكامل للمحكمة، ومصرة كلياً على ضرورة مواصلة عملها الى ان يتم كشف ومحاسبة ومعاقبة قتلة الحريري وشخصيات سياسية وطنية لبنانية اخرى.
وشدد التقرير على ان ادارة اوباما ستدفع نظام الاسد الى مواصلة تطبيع العلاقات مع لبنان المستقل بما يشمل ترسيم الحدود بين البلدين، وتكريس لبنانية منطقة شبعا رسمياً ووقف تهريب الاسلحة، واعادة النظر في الاتفاقات الموقعة بين البلدين في مرحلة الهيمنة السورية وكشف مصير اللبنانيين "المفقودين" في السجون السورية، وضبط سلاح حزب الله.
ووفقاً لما قاله لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع: "يجب ان يدرك نظام الاسد ان الحوار الاميركي معه لن يتم على اساس الشروط السورية بل على اساس المطالب الاميركية. والمطلوب من الاسد ان يقنع ادارة اوباما بأعماله وبقراراته وبأن ثمة جدوى ومكاسب من التحاور الاميركي مع سوريا، وان ذلك سيساهم في تعزيز الامن والاستقرار والسلام في المنطقة بعيداً من خطط ايران والمتشددين".

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,347,266

عدد الزوار: 7,755,254

المتواجدون الآن: 0