هل يمكن أن يشرعن "حزب الله" ضربة إسرائيلية لإيران؟

تاريخ الإضافة الأحد 26 شباط 2012 - 5:49 ص    عدد الزيارات 875    التعليقات 0

        

 

تل أبيب لا تملك أية استرايجية للخروج المضمون من الحرب
هل يمكن أن يشرعن "حزب الله" ضربة إسرائيلية لإيران؟
جريدة السفير..هيفاء زعيتر
مع اقتراب موعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن مطلع الشهر المقبل، يحتدم النقاش في تلّ أبيب حول مصير الضربة العسكرية لإيران. لقد بات واضحاً أن الخيار العسكري يتصدّر قائمة السيناريوهات الإسرائيلية المطروحة لإيقاف البرنامج النووي الإيراني، أقله اعلامياً، من هنا يعوّل الإسرائيليون على "الزيارة الحاسمة"، حسب جيفري غولدبرغ في "أتلانتيك"، لإقناع الرئيس الأميركي باراك أوباما بدعم أولوياتهم. "سلاحهم" في ذلك قد يكون وفقاً لخبراء: شرعية قانونية "يسعفهم" الصراع مع "حزب الله" في الحصول عليها، و"ثقة كبيرة" بعدم قدرة إيران على إلحاق الأذى بالداخل الإسرائيلي عبر "حزب الله" المقيّد بمجريات الأزمة السورية.
خلال زيارته إلى واشنطن، طالب وزير الخارجية البرازيلي أنتونيو باتريوتا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اتخاذ قرار صريح وحاسم حول ما إذا كانت الضربة العسكرية لإيران قانونية، قائلاً "لا ننفك نسمع المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين يصرحون بأن جميع الخيارات مطروحة، ولكن ذلك لا ينفي أن بعض هذه الخيارات مخالف للقانون الدولي".
ينطلق الكاتب في مجلة "فورين بوليسي" ديفيد بوسكو من هذا التصريح ليؤكد أنه أمام إسرائيل مهمة صعبة تتمثل في شرعنة مخططها العسكري، ولكن "العداء مع "حزب الله" قد يساعد في ذلك". ويوضح أن ميثاق الأمم المتحدة الأساسي يسمح باستخدام القوة في حالتين: الدفاع عن النفس أو بقرار من مجلس الأمن. يستبعد بوسكو إمكان حصول الحالة الثانية، في وقت يؤكد أن إسرائيل تعوّل الكثير على شق "الدفاع عن النفس".
في هذا السياق، "حزب الله" سيكون خير حجة لدى إسرائيل للدفاع عن حقها بالضربة تحت مظلة القانون الدولي. كيف؟ يشرح بوسكو أن بإمكان تلّ أبيب أن تستحضر "مجموعة هائلة" من التصريحات تؤكد أن إيران في حالة حرب مع الدولة اليهودية، ويكون مدّ إيران لـ"حزب الله" بالسلاح خير برهان على الفرضية الإسرائيلية. وفي هذه الحالة، قد يكون الدليل الذي ستقدمه إسرائيل هو أنها وإيران، في حالة حرب، وبالتالي يمكن لإسرائيل أن توجه ضربة لأحد المنشآت النووية الإيرانية كجزء من الصراع المستمر بينها وبين "حزب الله"!
كما يمكن لإسرائيل، حسب بوسكو، أن تبرّر ضربتها قانونياً من خلال التأكيد أنها لن تنتهك القانون الدولي وتحديداً المادة (4/2) التي تمنع اللجوء إلى القوة بشكل يهدّد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة بشكل لا يتفق مع أهداف الأمم المتحدة. "يمكن لإسرائيل أن تستحضر العديد من تجارب اللجوء إلى القوة من دون انتهاك هذه المادة عبر ضربات مباشرة ومحدودة كما حصل في صربيا مثلاً أو كحرب العراق التي جاءت في سياق الحرب الوقائية". يعتبر بوسكو أن الحجة الثانية لن تقنع الكثير من الناس بقدر الحجة الأولى، فالخطر الإيراني، المتمثل بـ"حزب الله"، أكثر وضوحاً. أما "كل هذا الجدال فمرتكز على واقع أن أميركا تحرص أن تستخدم القوة دائماً في الإطار القانوني، ولو عبر التحايل عليه"، يعلّق الكاتب.
"حزب الله" لا يشكّل تهديداً!
في سياق بحثه حول سيناريوهات "اليوم التالي" للضربة العسكرية على إيران، استبعد الباحث إيهود عيران، في تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" أن يسبّب ردّ إيران أو "حزب الله" ضرراً بالغاً على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، مؤكداً، نقلاً عن المتخصص في الشؤون الإسرائيلية رونين بيرغمان، أن "الحرب مع "حزب الله" مقبلة مقبلة، فلم ننتظر حتى تمتلك إيران النووي؟".
يعتبر عيران أن "إسرائيل منذ ولادتها تعتمد مبدأ الضربات الوقائية لحماية نفسها، كما فعلت عندما ضربت المفاعلات النووية في العراق وسوريا عامي 1981 و2007، من دون أن تفضي الخطوتان إلى الحرب". ويضيف "يتجاهل النقاش الدائر في أروقة تلّ أبيب اليوم التداعيات البعيدة الأمد للضربة العسكرية: استعداد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، استراتيجية آمنة للخروج من الحرب، تأثيرها على العلاقات الأميركية الإسرائيلية وعلى الدبلوماسية العالمية واستقرار أسواق الطاقة العالمية.. كل ما يشغل صناع القرار والنخب الإسرائيلية هو "اليوم التالي" أي ردّ الفعل الأول للخصم".
ما كتبه الضابط السابق في الاستخبارات الإسرائيلية ونائب رئيس المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي أفرايم كام يعكس بدوره الاعتقاد السائد حول شكل الردّ الإيراني الذي سيكون إما بضربة مباشرة من إيران على إسرائيل وإما عبر "حزب الله" وهو "الخيار الأكثر ترجيحاً"، أما الشكل الآخر للردّ فسيكون عبر استهداف مسؤولين إسرائيليين بهجمات إرهابية بمساعدة "حزب الله".
يعود عيران، في سياق تأكيده على استخفاف الإسرائيليين بقدرة الخصم، إلى كلام وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في تشرين الثاني عندما قال "لن يكون هناك سيناريو مقتل 50 ألفاً أو 5 آلاف إسرائيلي، وإن لازم الجميع منازلهم فلن يصل عدد القتلى إلى 500".
من جهة ثانية، يعتبر أن إسرائيل تدرك جيداً أن "حزب الله"، كما فعل في العام 2006، سيستهدف مستوطناتها بعدد من الصواريخ، لكنها تؤمن بما كتبه أكثر الصحافيين اطلاعاً على صناعة القرار في إسرائيل رونين بيرغمان، في صحيفة "نيويورك تايمز"، من أن العديد من الخبراء الإسرائيليين يعتبرون أنه بعيداً عن المعركة المحتملة مع إيران، فإن احتمالات وقوع نزاع موسع مع "حزب الله" مرتفعة للغاية. وبناء عليه، فإن الهجوم على إيران سيعجّل لا أكثر من وقوع "المحتوم"، (الصراع مع "حزب الله")، بل ربما سيجعل توقيته أفضل لأن الحرب ستحصل قبل امتلاك إيران للسلاح النووي، وربما مدّ الحزب به.
أضف إلى ذلك، فإن ما يطمئن إسرائيل، والكلام لعيران، هو القيود الجديدة التي تكبّل "حزب الله"، وتحديداً في ظلّ الأزمة السورية المحتدمة، والتي ستحدّ من قدرته على إيذاء إسرائيل في أي صراع مستقبلي. ويلفت الباحث الانتباه الى أن السيد حسن نصرالله أكد خلال الأسابيع الماضية على "استقلالية" الحزب قائلاً "إن القيادة الإيرانية لن تطلب من الحزب القيام بأي فعل". وعليه "فعند توجيه الضربة لإيران، سيجلسون ويفكرون وسيحسمون أمرهم".
في الوقت نفسه، تبدو المؤسسة العسكرية الإسرائيلية واثقة من أن إيران و"حزب الله" سيعجزان عن شنّ هجمات "إرهابية" ضد إسرائيل على نطاق عالمي واسع. "لقد فعلاها بنجاح في الماضي، لا سيما في الرد على اغتيال إسرائيل للسيد عباس الموسوي في العام 1992، لكن الخبراء الإسرائيليين يصرون على أن قدرة إيران و"حزب الله" باتت محدودة بعد 11 أيلول بسبب القيود العالمية المعقدة على الإرهاب"، يجزم عيران.
ما سبق لا يمنع من وجود بعض "المتشائمين" في إسرائيل، ممن يتخوفون من "عدم وجود خطة للخروج من الصراع لدى المسؤولين الإسرائيليين". ويشرح عيران أن تل أبيب متفائلة بقدرة إسرائيل على صدّ أي هجوم انتقامي من "حزب الله" ولكنها فشلت حتى الساعة في دعم هذه الفكرة أمام الرأي العام لأسباب عدة، فعلى الرغم من أن إسرائيل قامت بتحصين جبهتها الداخلية بعد حرب تموز 2006، ولكن يبدو أنه ما زال أمامها الكثير لتصبح مستعدة للصواريخ التي قد تنهمر عليها بعد الضربة. ما يؤكد هذا الأمر، حسب الباحث، خطوة وزير الجبهة الداخلية الإسرائيلي ماتن فلنائي الذي ترك منصبه الشهر الحالي ليصبح سفير إسرائيل في الصين. قبل مغادرته أثار فلنائي زوبعة في اجتماع للكنيست بعد عرضه معلومات "محبطة" مفادها أن ربع الإسرائيليين ليس لديهم ملجأ يحتمون به من الصواريخ، أما الأقنعة الواقية من الغاز، الضرورية للحماية من الأسلحة الكيميائية، فهي غير متوفرة سوى لـ60 في المئة من المواطنين.
ويخلص عيران إلى أن الأكثر إثارة للقلق في ما يطرحه الإسرائيليون اليوم هو عدم وجود استراتيجية للخروج من ساحة المعركة. قد لا تجرّ الضربة الإسرائيلية حربا كما حصل مع العراق وسوريا، ولكنها قد تفعل ذلك وفقاً لنموذج العام 1982 اللبناني الذي أشعل حرباً طويلة كانت محددة بيومين فقط لنزع السلاح الفلسطيني. وكذلك حصل في تموز 2006، حيث لم يكن هناك استراتيجية واضحة للخروج، فامتدت الحرب 30 يوماً غير متوقعة، وانتهت بشكل مربك. وعليه "بدون نقاش جدي في هذه النقطة قد تدخل إسرائيل في صراع موسع، لا تكون فيه مستعدة لتوفير الأمن لمواطنيها".
 

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,336,336

عدد الزوار: 7,754,901

المتواجدون الآن: 0