أخبار لبنان..«حادثة القرنة السوداء» تضيء على مخاطر انفجار أهلي وسط العجز السياسي ..الجيش يطوّق «فتنة طائفية» في شمال لبنان..200 مليون دولار تمويلًا لمزارعي لبنان..تعطيل «المجلس العسكري» الوجه الآخر للحملة ضد قائد الجيش اللبناني..إسرائيل «تضمّ» الجزء اللبناني من الغجر: شغب إسرائيلي على حدود الجولان..إسرائيل ترفع مستوى التهويل لإزالة الخيمتين..

تاريخ الإضافة الإثنين 3 تموز 2023 - 4:48 ص    عدد الزيارات 1064    التعليقات 0    القسم محلية

        


نجل القذافي إلى المستشفى.. في حالة حرجة..

الحرة – واشنطن..هانيبال اعتُقل في لبنان بعد أن اتهمه المدعي العام بإخفاء معلومات عن مصير الإمام موسى الصدر

قالت وسائل إعلام لبنانية، الأحد، إن هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، نقل إلى مستشفى في وضع صحي حرج. وذكرت صحيفة النهار، أن هانيبال، الموقوف في لبنان والمضرب عن الطعام، تم نقله إلى مستشفى أوتيل ديو الساعة الثامنة مساء، بعد شكوى في منطقة البطن. وأضافت أن هذه المرة الثالثة التي ينقل فيها إلى المستشفى منذ إعلانه عن الإضراب عن الطعام في الثالث من يونيو الماضي. وكان هانيبال قد أعلن أن سبب إضرابه عن الطعام، هو "الظلم الذي يتعرض له نتيجة احتجازه منذ 8 سنوات"، بناء على مذكرة توقيف صادرة عن المحقق العدلي، القاضي زاهر حمادة، على خلفية اتهامه بـ"كتم معلومات" بشأن قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين في ليبيا في العام 1978.

من القرنة السوداء إلى مزارع شبعا مروراً بالمأزق الرئاسي...

«مثلث» من التوترات يملأ الوقت اللبناني... الضائع

الجيش أوقف شباناً من الضنية وبشري بعد حادثة القرنة السوداء

الراي.. | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- الغليان «على حدود» بشري

- الضنية إلى احتواءٍ سياسي روحي

- خِيَم مزارع شبعا..تهديدات متبادلة تحت سقف «لا حرب»

لم يكن أكثر تعبيراً عن حالِ انعدامِ الوزن التي يعيشها لبنان من ارتسام «مثلثٍ حدودي» مخيف في الساعات الماضية، عَكَسَ قابليةَ الواقع المحلي للاشتعال، سواء بـ «فتيلٍ» داخلي أو إقليمي، فيما الانهيارُ المالي يواصل التشظي وإن مع «تبريدٍ» ظاهريّ لسطح الحريق الكبير الذي يستعر منذ 40 شهراً. فمن الأزمةِ الرئاسيةِ التي تتقاطعُ كل المؤشراتِ عند أنها باتت متفلّتةً من كل حدودٍ زمنيةٍ وأن أقرب مواعيد محتملة لـ «معجزةِ حلٍّ» هو الخريف، مروراً بالنزاع الحدودي المزمن فوق قمة الـ 3088 متراً بين قضاءيْ بشري والضنية (المنية) الذي استيقظ دموياً يوم السبت، وصولاً إلى الحدود مع اسرائيل والصراع حول مزارع شبعا المحتلة والذي يلوح جمره من تحت خيمتيْن تبادلت تل أبيب و«حزب الله» التهديدات حولهما... 3 عناوين تشابكت في الساعات الماضية عشية انتهاء عطلة الأضحى المبارك التي لا يُعوَّل على انتهائها لإطلاق أي دينامية جديدة لمحاولة إحداث خرق في الانسداد الكامل الذي يطبع الملف الرئاسي منذ 8 أشهر هو عمر الفراغ في الكرسي الأول الذي بدأ في 1 نوفمبر الماضي. ومع «الرياح المُعاكِسة» لمَهمة الموفد الفرنسي جان - ايف لودريان في ما خص الأزمة الرئاسية والتي هبّتْ من كرة النار والاضطرابات التي تضرب فرنسا مُنْذِرةً بفرْملة عملِ كل «خلايا الإليزيه» بانتظار «مرور العاصفة»، يشدّ الجميعُ الأحزمةَ في الداخل تَحَسُّباً لارتداداتِ المزيدِ من استنزافِ الوقت لبنانياً في ما انطلق العدّ العكسي لـ «دومينو» فراغاتٍ في مؤسساتٍ حيويةٍ بحُكْم انتهاء الولاية والإحالة على التقاعُد:

- بدءاً من حاكمية مصرف لبنان (نهاية يوليو الجاري) والتي ستؤول إلى النائب الأول وسيم منصوري (شيعي) الذي سيقبل تسلُّم هذا الموقع من رياض سلامة بموجب ما يشبه «أمر مهمة» للثنائي الشيعي ذات أبعاد تتصل بعملية «لي الأذرع» حيال الملف الرئاسي - والذي تقاطعت فيه الأحزاب المسيحية من مختلف المشارب على رفْض ترشيح سليمان فرنجية - عبر رمي إشكاليةٍ حساسة تتعلق بانتقال مواقع مسيحية إلى أيدي غير مسيحيين بالإنابة.

- وليس انتهاءً بإحالة قائد الجيش العماد جوزف عون على التقاعد في يناير المقبل، والتعقيدات المتّصلة بمَن يحمل راية القيادة ما لم يكن تم انتخاب رئيس وتالياً تعيين خلَف لرأس المؤسسة العسكرية، ولا سيما في ظل الشواغر الحالية في المجلس العسكري في قيادة الجيش (تشمل رئيس الأركان والمفتش العام والمدير العام للإدارة) التي تجعل «انتقال السلطة» إلى رئيس الأركان كما ينص القانون متعذّرة، وسط متاريس سياسية مرتفعة بين مكونات حكومة تصريف الأعمال (يقاطع جلساتها وزراء التيار الوطني الحر) تحول دون ملء هذه الشواغر وتوفير «هبوط آمن» لِما بعد العماد عون.

«القرنة السوداء»

ولا شك في أن لا مصلحة لبنانية بأن يتمدّد الشلل أو الصراع المعلَن إلى آخِر «صمام أمان» في الوضع المحلي يشكله الجيش الذي وُضع أول من أمس أمام اختبارٍ بالغِ الدقة مع التوتّر العالي الذي ساد بين منطقتيْ بشري والضنية (بقاعصفرين) على خلفيةِ تَجَدُّد الخلاف الحدودي (عمره عقود) حول «القرنة السوداء» (أعلى قمة في لبنان والشرق الأوسط والنطاق العقاري – الإداري الذي تقع ضمنه)، بعد مقتل شخصيْن من بشري في واقعةٍ لم تُحسم كل ملابساتها بعد، رغم ما استدعتْه من استنفارٍ رسمي وروحي على أعلى المستويات لاحتواء ما برزت الخشية من أن يتحول جاذبة صواعق سياسية وطائفية، أو أن يكون «لغماً» يُراد أن ينفجر بمجمل الواقع اللبناني ويدشّن مرحلةَ تسخينٍ للأرض يُستدرج الجميع على وهجها إلى طاولة حوار حول الملف الرئاسي «على الحامي» من خاصرةِ توتير مسيحي – سني جرى بأي حال قطْع الطريق أمامه من مختلف الأفرقاء. وبدا من «التأهب» السياسي أمس أن الجميع استشعروا مخاطر فتْح ما قد يكون «صندوقة باندورا» بحال تم العبث بمسرح جريمة القرنة السوداء حيث قُتل بدايةً هيثم طوق ثم مالك طوق في ظروف لم تُحسم بالكامل بعد، وترْكها لـ «الرؤوس الحامية». وقد سُجل تلقي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (مساء السبت) اتصالات عدة أبرزها من مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، والنواب اشرف ريفي، فؤاد مخزومي وعبدالعزيز الصم، حيث أبدى جميع المتصلين استنكارهم الشديد وأسفهم لسقوط الضحايا من بشري وشددوا على ضرورة «ان تجرى التحقيقات بسرعة لكشف المجرمين وسوقهم الى العدالة في أقرب وقت». من جهة ثانية، تلقت النائبة ستريدا جعجع اتصالاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أكد خلاله أنه سيتابع شخصياً مسار التحقيقات للتوصل إلى توقيف المجرمين وسوقهم إلى العدالة. وكان المفتي دريان أجرى اتصالاً بالنائب فيصل كرامي (النائب الفائز عن دائرة طرابلس – المنية – الضنية) تناول خلاله الحادثة التي شهدتها القرنة السوداء، ودعاه إلى «المساهمة في تهدئة الأمور والإصرار على استخدام لغة العقل وتحكيم الوجدان الوطني في هذه المسألة خصوصاً ان هناك طابوراً خامساً يسعى إلى تسعير الفتنة والاصطياد بالماء العكر». وقد أعرب كرامي عن «شكره لمفتي الجمهورية على حكمته ومطالبته بتحقيق العدالة التي نسعى إليها جميعاً». وإذ برز أيضاً اتصال الرئيس نبيه بري بكرامي داعياً إلى «توخّي الحكمة في التعامل مع الحادثة الأليمة» ومتوجهاً إلى «أهالي بقاعصفرين والضنية لعدم الانجرار وراء الأحكام المسبقة والإشاعات بانتظار جلاء الحقيقة الكاملة»، حرص البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على تهدئة النفوس معلناً «آلمتنا للغاية حادثة قرنة السوداء التي راح ضحيتها اثنان من بلدة بشري العزيزة من أسرة آل طوق الكرام، ونعول على الجيش في فرض الأمن لصالح الجميع، وعلى أهالي بشري في ضبط النفس، ووضع الخلاف المزمن في منطقة قرنة السوداء في عهدة القضاء».

توقيفات

في موازاة ذلك، وفيما أوقف ما لا يقل عن 11 شخصاً من الضنية للتحقيق معهم (و5 من بشري تَردّد أنه تمت تخليتهم لاحقاً)، لم يكن ممكناً الجزم بملابسات مقتل هيثم طوق، برصاص قنّاص أو باستهداف عن قرب كما قال المدير الطبي لمستشفى بشري الحكومي الدكتور ابراهيم مقدسي مؤكداً أن «أن إطلاق النار حصل عن مسافة قريبة جداً لا تتعدّى الـ15 أو 20 متراً». كما لفّ عدم اليقين ظروف مقتل مالك طوق، وهل سقط مع هيثم في الجريمة نفسها بينما كان شبان من بشري في منطقة القرنة السوداء ولكن لم يتم العثور على جثته الا بعد ساعات، أم أن اشتباكاً حصل بين قوّة من فوج المغاوير في الجيش اللبناني توجّهت إلى مكان الحادث الأصلي وبين عدد من الشباب كانوا قصدوا مسرح الجريمة ولم يتجاوبوا مع طلب الانسحاب ما أدى الى مصرع مالك طوق وجرح آخريْن بينهما منصور سكر الذي ذكرت تقارير إعلامية أنه عسكري. وكانت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه أصدرت ليل السبت بياناً جاء فيه: «بتاريخ 1 / 7 / 2023، تعرض أحد المواطنين لإطلاق نار في منطقة القرنة السوداء ما أدى إلى مقتله، كما قُتل لاحقاً مواطن آخر في المنطقة عينها. ونفذ الجيش انتشاراً في المنطقة ويعمل على متابعة الموضوع لكشف ملابساته، كما أوقف عددا من الأشخاص وضبط أسلحة حربية وكمية من الذخائر. ولما كانت قيادة الجيش حذرت في بيان سابق بتاريخ 2023/6/12 المواطنين من الاقتراب من منطقة التدريب العسكرية في القرنة السوداء، تعيد التشديد على عدم اقتراب المواطنين كافة من هذه المنطقة تحت طائلة المسؤولية وحفاظاً على سلامتهم ومَنْعاً لوقوع حوادث مماثلة».

مزارع شبعا

ولم يحجب هذا الملف على خطورته الأنظارَ عما اعتبرتْه إسرائيل موقعاً عسكرياً مكوّناً من عدة خيَم أقامه «حزب الله» (قبل نحو شهرين) «على الجانب الإسرائيلي من الحدود في مزارع شبعا (المحتلة)» أو هاردوف وفق التسمية الإسرائيلية. وبعدما كانت تل أبيب قابلتْ هذا التطور بتوجيهها شكوى إلى الأمم المتحدة، محذّرة من أنها «ستستخدم القوة العسكرية لإخلاء الموقع»، بالتوازي مع توسيطها قنوات ديبلوماسية من أجل الضغط على لبنان لإخلاء الخيَم، رَفَع «حزب الله» نبرته بوجه اسرائيل محذراً إياها بالردّ في حال أي استهداف للخيَم، وصولاً لإعلان رئيس كتله نوابه محمد رعد «ان الإسرائيلي ومنذ شهر قايم قيامتو على الخيمتين الموجودتين على الحدود، ويَعتبر أنهما وُضعتا في نقطة متقدمة على الخط الأزرق وفق تفسيره، ويَطلب أن تزال هاتان الخيمتان، وأنه يفضّل أن تقوم المقاومة بذلك، لأن العدو الإسرائيلي إذا أراد ذلك فستقع الحرب وهو لا يريدها». وأضاف متوجّهاً إلى «العدو»: «إذا ما بدك حرب سكوت وتضبضب، أمَّا أن تفرض على المقاومة أن تنزع ما هو حق للبنان، وما تعتبر أنه ضمن أرضه فلا أنت ولا غيرك بعد قادر يُفرض». وغداة تهديد رعد، أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي عضو المجلس الوزاري المصغر، يسرائيل كاتس، تعليقاً على رفْض «حزب الله» إزالة الخيَم، أن حكومته غير معنية باندلاع حرب. وقال «علينا أن ندرك أن عبور عناصر (حزب الله) الخط الحدودي في منطقة مزارع شبعا يمثل مشكلة كبيرة ويمكن أن يفضي إلى صراع، لكن ليست لدى إسرائيل رغبة في الحرب»...

لبنان: «حادثة القرنة السوداء» تضيء على مخاطر انفجار أهلي وسط العجز السياسي

الجريدة..منير الربيع ... إلى جانب الاستعصاء السياسي الذي يعيشه لبنان، وعلى ما يبدو أنه سيكون طويلاً، تتوسع الانقسامات الأهلية والطائفية على وقع أحداث متعددة يمكنها أن تهدد السلم الأهلي. والقاعدة الثابتة المعروفة لبنانياً أنه كلما تعمّقت الأزمات السياسية، تصبح ولّادة لأزمات من نوع آخر تتعزز فيها الانقسامات الطائفية والمذهبية، وتتفرّع منها صراعات متعددة، آخرها الصراع المتجدد بين أهالي منطقة الضنية السنية وأهالي منطقة بشرّي المسيحية في الخلاف التاريخي القائم على جغرافيّة القرنة السوداء. هو صراع يمكنه أن يسهم في تهديد السلم الأهلي، خصوصاً أنه يأتي وسط تنامي الأصوات التي تدعو إلى تحقيق الفدرالية والتقسيم. كلما تأخر الحلّ فسيكون المجتمع اللبناني قابلاً للتعايش مع أزمات كثيرة إلى جانب الأزمة الاقتصادية والمعيشية، تستفيق فيها شياطين الصراعات المذهبية، كما حصل في منطقة القرنة السوداء بعد حادثة مقتل شخصين من آل طوق في بشرّي برصاص مجهولين وإيقاف الجيش متورطين محتملين من منطقة الضنية. يفتح الإشكال في تلك المنطقة العيون على إشكالات كثيرة مشابهة عقارياً وجغرافياً، كما هو الحال بالنسبة إلى الصراع بين الموارنة والشيعة في جرود لاسا والعاقورة في منطقة جبيل، إذ يعتبر الموارنة أن هناك أراضي واسعة تعود لهم وهي ملك للكنيسة، فيما يعتبر الشيعة العكس، ويأخذ هذا الصراع طابعاً سياسياً إذ يتهم معارضو حزب الله في تلك المنطقة، بأنه يحاول تطويقهم جغرافياً من خلال وصل جرود العاقورة وجرود لاسا بمنطقة البقاع ليصبح ممسكاً بطريق أساسي واستراتيجي يمتد من القصير السورية إلى البقاع ومنه إلى جرود جبيل ومنها إلى الأوتستراد الدولي الذي يربط بيروت بشمال لبنان. لم تكن حادثة القرنة السوداء هي الأولى من نوعها، إذ شهدت المنطقة إشكالات كثيرة في السابق، وغالباً ما تتجدد هذه الإشكالات عند بداية كل صيف بسبب الخلاف على المياه ومنابعها. لكنها أزمة يمكنها أن تؤدي إلى انفجارات أهلية في ظل الصراع السياسي القائم والذي يأخذ أبعاداً طائفية ومذهبية، خصوصاً في ظل ارتفاع منسوب الدعوات الى اعتماد صيغة الفدرالية والتقسيم. بعد وقوع الحادثة سارع الجيش اللبناني إلى تهدئة الأمر من خلال البيان الذي أصدره واعتبر فيه أنه حذّر سابقاً من الدخول إلى تلك المنطقة لأنها منطقة تدريبات عسكرية، وسعى سريعاً لمعالجة الوضع ووقف أي تداعيات. كل ذلك يأتي وسط استمرار الانقسام الداخلي حول كيفية انجاز استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية ووضع ملامح تسوية يمكنها أن تحدّ من الانهيارات المتوالية وتفسح في المجال للبحث عن حلول، خصوصاً أنه كلما طال أمد الأزمة الرئاسية، كلما تزايدت مقومات الانقسام الأهلي، الذي يمكن أن ينفجر بأي لحظة وبناء على أي حادثة غير محسوبة أو غير متوقعة. وينتظر لبنان أيضاً، ما قد تفرزه الاتصالات الخارجية التي سيجريها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بعد الانتهاء من إعداد تقريره. وبحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن لودريان بصدد إجراء زيارات إلى كل من السعودية وقطرومصر للتنسيق. في المقابل، تفيد المعلومات عن زيارة وفد سعودي إلى باريس في الفترة المقبلة، لكن تشدد مصادر على أنه لم يتم تحديد موعد أو مكان انعقاد اجتماع جديد للدول الخمس المعنية بالملف اللبناني.

الجيش يطوّق «فتنة طائفية» في شمال لبنان

19 موقوفاً إثر مقتل شخصين بإشكال بين مزارعين

الشرق الاوسط..بيروت: نذير رضا.. طوّق الجيش اللبناني "مشروع فتنة طائفية" في شمال لبنان، بتدخله إثر مقتل شخصين في منطقة القرنة السوداء في شمال لبنان، في حين كثّفت القيادات السياسية والدينية اتصالاتها لتطويق تداعيات الحادث، وطالبت الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والقضائية بـ»«تشديد الإجراءات لتجنب انزلاق البلاد إلى فتنة طائفية». وقُتل الشاب هيثم طوق السبت، بطلق ناري في منطقة تشهد خلافات بين مزارعين من مدينة بشري، التي تسكنها أغلبية مسيحية، وبقاعصفرين التي تسكنها أغلبية من المسلمين، قبل أن يعلن عن مقتل آخر هو مالك طوق بالرصاص أيضاً؛ مما رفع حالة التوتر في المنطقة المختلطة طائفياً، قبل أن يدفع الجيش اللبناني بتعزيزات، ويستخدم سلاح الجو بحثاً عن المتورطين، علماً أن المنطقة تشهد نزاعات محدودة بين مزارعين على خلفية الحصول على مياه الري. وأفادت قيادة الجيش اللبناني في بيان صادر عن مديرية التوجيه، بتعرّض أحد المواطنين لإطلاق نار في منطقة القرنة السوداء؛ ما أدى إلى مقتله، كما قُتل لاحقاً مواطن آخر في المنطقة عينها، لافتة إلى أن الجيش «نفّذ انتشاراً في المنطقة ويعمل على متابعة الموضوع لكشف ملابساته، كما أوقف عدداً من الأشخاص وضبط أسلحة حربية وكمية من الذخائر». وأضافت في البيان: «لمّا كانت قيادة الجيش قد حذّرت في بيان سابق بتاريخ 12 يونيو (حزيران) المواطنين من الاقتراب من منطقة التدريب العسكرية في القرنة السوداء، تعيد التشديد على عدم اقتراب المواطنين كافة من هذه المنطقة تحت طائلة المسؤولية وحفاظاً على سلامتهم ومنعاً لوقوع حوادث مماثلة».

نزاع متكرر

وتعدّ القرنة السوداء أعلى مرتفع جبلي في لبنان، وهي منطقة شبه خالية من السكان وتقع في منطقة مختلطة بين سكان مسلمين ومسيحيين. وفي فترة الصيف، ينشط المزارعون على ضفتين متقابلتين من المنطقة، ينحدرون من منطقتي بشري وبقاعصفرين. وقالت مصادر أمنية: إن الإشكال ليس جديداً، ويعود إلى خلاف عقاري يمتد إلى نزاع على مياه الري في الصيف التي تُروى منها مزروعات، ويُستفاد منها لسقي المواشي، لافتة إلى أن النزاع العقاري لم يُبتّ في المحكمة العقارية وبقي معلقاً. ولفتت المصادر إلى إشكال شبيه وقع في الأسبوع الأول من الشهر الماضي، أدى إلى مقتل بعض رؤوس الماشية بإطلاق نار؛ مما دفع الجيش إلى إنشاء منطقة عازلة في المنطقة المتنازع عليها، وحوّلها معسكر تدريب له؛ بهدف وضع حدّ للخلافات بين الطرفين التي غالباً ما تتحول نزاعات مسلحة بين الفلاحين. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: إن الخلاف انزلق السبت إلى إطلاق نار بين الطرفين، وأدى إلى مقتل هيثم طوق، رافضة الجزم بأن يكون قُتل برصاص قناصة، كما أفادت وسائل إعلام محلية، في «انتظار التحقيقات الفنية». ولاحقاً، تدحرجت الأمور وتوسع الاشتباك بين الطرفين؛ مما دفع الجيش للنزول إلى الميدان بقوة، بعد اتصال بين النائبة ستريدا جعجع وقائد الجيش العماد جوزيف عون، حيث انتشر لواء كامل للجيش، فضلاً عن قوة النخبة المقاتلة في الجيش (فوج المغاوير)، وسُجل إطلاق نار أدى إلى مقتل شخص آخر هو مالك طوق، من دون تحديد الجهة التي تسببت بمقتله، بانتظار التحقيقات أيضاً. ولفتت المصادر إلى توقيف 19 شخصاً، هم 13 شخصاً من سكان الضنية، و6 من سكان بشري؛ وذلك بغرض التحقيق وجلاء الملابسات، وهم شهود قابلون للزيادة، مشيرة إلى أن صعوبة التحقيق تنطلق من كونها تعتمد على روايات الشهود وتحليلها وتقاطعها للتوصل إلى المتسبب بالإشكال وتقديمه للقضاء لمحاكمته.

إجراءات أمنية مشددة

ويعالج الجيش الإشكال عبر آليتين، أولهما التدابير الأمنية والعسكرية، والأخرى جمع السكان من الطرفين لتذليل المشكلة ومنع تكرارها، وهي مهمة مستمرة بدأت في السابق، وتُطبّق في أكثر من مكان في لبنان، وتسعى لإنهاء مسببات النزاعات. وأكدت المصادر الأمنية أن الجيش اللبناني بانتشاره وإجراءاته المكثفة «منع اقتتالاً طائفياً، ووضع حداً لتطور الأمور، ومنع الفتنة»، مشددة على أن التعليمات من قيادة الجيش واضحة، وتشدد على أنه «لا تهاون مع المخلين بالأمن، ومصرّون على حماية الاستقرار»، مشددة على أن قائد الجيش «مصرّ على منع الفتنة».

استنفار سياسي

ورفعت الحادثة درجة الاستنفار السياسي في البلاد، حيث تعهد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في اتصال مع النائبة ستريدا جعجع، أنه سيتابع شخصياً مسار التحقيقات للتوصل إلى توقيف المجرمين وسوقهم إلى العدالة. وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي أجرى اتصالاً بالنائب فيصل كرامي دعاه فيه إلى «توخّي الحكمة في التعامل مع الحادثة الأليمة»، كما دعا من خلاله «أهالي بقاعصفرين والضنية إلى عدم الانجرار وراء الأحكام المسبقة والشائعات بانتظار جلاء الحقيقة الكاملة». وتلقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مساء السبت، اتصالات من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ونواب، أعربوا عن استنكارهم الشديد وأسفهم لسقوط الضحايا الذين سقطوا في بشري. كما قدموا تعازيهم الحارة لأهالي الضحايا خصوصاً وأهالي بشري عموماً. وشددوا جميعاً على ضرورة أن تجرى التحقيقات بسرعة لكشف المجرمين وسوقهم إلى العدالة في أقرب وقت ممكن. ودعا رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى «التحلي بالحكمة قطعاً للطريق على أيّ فتنة»، وناشد السلطات الأمنية والقضائية «العمل وبسرعة لكشف الحقيقة وإحقاق العدالة». وأدان «الحزب التقدمي الاشتراكي» «الجريمة البشعة»، داعياً إلى إعلاء صوت العقل والتهدئة والحكمة، وأكد ضرورة الركون دائماً إلى الدولة وأجهزتها الأمنية المعنية بكشف حقيقة ما جرى، وتسليم الجناة إلى القضاء المختص لإنزال العقوبات اللازمة بهم، ومعالجة الأسباب التي أودت إلى ما حصل لقطع الطريق على أي محاولات مبيّتة قد تهدف إلى إثارة بذور الفتنة.

إدانات دينية

وفي سياق متصل، أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي «إننا نعول على الجيش في فرض الأمن لصالح الجميع، وعلى أهالي بشري في ضبط النفس، ووضع الخلاف المزمن في منطقة قرنة السوداء في عهدة القضاء». بدوره، دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان النائب فيصل كرامي، إلى «المساهمة في تهدئة الأمور وإلى الإصرار على استخدام لغة العقل وتحكيم الوجدان الوطني في هذه المسألة، خصوصاً أن هناك طابوراً خامساً يسعى إلى تسعير الفتنة والاصطياد بالماء العكر». من جهته، أدان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ما جرى في القرنة السوداء، قائلاً: «نرفض الخصومة والعداوة والقتل والتفلت الأمني، ونحذر من التوظيف الطائفي والسياسي، ونعلن أن ما جرى جريمة نكراء وفظاعة مرفوضة، والمطلوب وأد الفتنة لا إيقاظها»، مؤكداً «وحدة الدم اللبناني بلا فرق بين مسلم ومسيحي»، مطالباً بتحقيق العدالة بأقصى سرعة. ودعا مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام ورئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، في بيان مشترك، السكان في المنطقتين إلى «التعامل مع هذه الفاجعة بالوعي الروحي والإنساني، وبالحس الوطني العالي من منطلق الثقة التامة بالجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والقضائية المختصة».

200 مليون دولار تمويلًا لمزارعي لبنان

«البنك الدولي» وافق على دعم مشروع «التحوّل الأخضر»

الشرق الاوسط..بيروت: علي زين الدين.. تبلّغ لبنان بموافقة البنك الدولي على ضخ تمويل بقيمة 200 مليون دولار أميركي، موجّه لتحسين قدرة المزارعين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع الأغذية الزراعية على الصمود في مواجهة الأزمات المتعددة التي تواجه البلاد، وزيادة مساهمتهم في حماية الأمن الغذائي، فضلاً عن تصنيف القطاع كشريان حياة لشريحة كبيرة من الفقراء، كونه يوفّر مصدر دخل لنحو 20 في المائة من السكان. ومن المتوقع أن يستفيد حوالي 80 ألف مزارع، أي نحو 50 في المائة من إجمالي المزارعين في المناطق الريفية في جميع أنحاء لبنان، بصورة مباشرة من أنشطة المشروع المختلفة، لا سيما برامج التمويل وبناء القدرات وتحسين الخدمات والبنية التحتية. كما سيتم إيلاء اهتمام خاص لضمان تكافؤ الفرص أمام الفئات الأكثر هشاشة، خصوصاً النساء والشباب، إضافة إلى أن نحو 110 بلديات ستستفيد من تحسين الخدمات والبنية التحتية. ويساهم المشروع أيضاً في الحفاظ على مصدر دخل أكثر من 22 ألف مزارع وعامل، وفي تأمين نحو 2200 فرصة عمل جديدة من خلال تحسين القدرات الإنتاجية لدى مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة المستفيدة، ومن خلال إعادة تأهيل البنى التحتية المرتبطة بالزراعة.

80 ألف مزارع لبناني سيستفيدون من التمويل الجديد

سوف ستستفيد من هذا المشروع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة والأطراف المعنية، منها من يقوم بأعمال التجميع، والتجار والمصدرين، وغيرهم من العاملين في هذه المنظومة، من زيادة كفاءة التسويق، وتطوير الابتكارات في الزراعة الرقمية، وتحسين سلامة الأغذية وجودتها، وفرص التصدير. وسيدعم التمويل مشروع «التحول الأخضر» في قطاع الأغذية الزراعية عبر الاستفادة من الاستثمارات في تحسين إنتاجية القطاع الزراعي وتعزز آلية وصول المنتجات الزراعية إلى الأسواق. يساعد على تحسين سلامة الغذاء بشكل عام من خلال منتجات أكثر أماناً وأفضل جودة. وتأثر هذا القطاع بشدة نتيجة الأزمات المتفاقمة في لبنان على مدى السنوات الماضية، لا سيما تبعات أزمة النقد الأجنبي، التي تجلّى تأثيرها الشديد على الإنتاج الزراعي. حيث فقد المزارعون والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الأغذية الزراعية القدرة بشكل تام على الحصول على التمويل بسبب الأزمة المالية والمصرفية، فضلاً عن تأثيرات الارتفاع العالمي في أسعار الأسمدة والمحروقات. وتعرضت سلامة هذا القطاع لمزيد من المخاطر بسبب انهيار الخدمات العامة، حيث تدهورت نوعية المياه والتربة بشكل سريع وتآكلت البنى التحتية وشبكة الطرق في المناطق الريفية، علماً أن القطاع يتسم تاريخياً بضعف على مستوى التكامل في سلاسل القيمة، والتشتت، وضعف سلامة الغذاء، مما يحد من وفورات الحجم ومن قدرته التنافسية. تتفاقم هذه التحديات بسبب تغير المناخ وتزايد شح موارد المياه والأراضي، بحيث أصبح من الضروري اعتماد معايير وضوابط ذكية تراعي المناخ. ووفق بيان تلقته «الشرق الأوسط»، أكد جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، أن قطاع الزراعة يؤدي دوراً رئيسياً في إطلاق عجلة النمو، وتأمين فرص العمل، وتحسين سبل العيش، لا سيما في المناطق الريفية. وذلك من خلال التصدي للتحديات الرئيسية التي تواجه المزارعين ومؤسسات الصناعات الغذائية الزراعية الصغيرة والمتوسطة، حيث سيوفر التمويل شريان حياة لشريحة كبيرة من المزارعين والمؤسسات ذات الصلة. سيساهم في تعافي قطاع الأغذية الزراعية في لبنان على المدى القصير إلى المتوسط، وسيحدد مساراً نحو التحول المستدام لهذا القطاع. ووفق برنامج الاتفاقية، يؤمن التمويل الجديد حزمة دعم متكاملة تهدف إلى معالجة التحديات التي يواجهها المزارعون ومؤسسات الصناعات الغذائية الزراعية الصغيرة والمتوسطة بسبب الأزمات المتعددة. وذلك عبر الاستثمارات الذكية المراعية للظروف المناخية في سلاسل القيمة الغذائية الزراعية التي تتيحها فرص الحصول على التمويل للمزارعين وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الأغذية الزراعية.

2200 فرصة عمل سيولد التمويل الجديد من البنك الدولي

وسيموّل المشروع الخدمات وأعمال البنية التحتية المراعية للمناخ لتنمية وتطوير قطاع الأغذية الزراعية في المناطق الريفية، من خلال إعادة تأهيل وتحديث شبكات ري سوف يتم اختيارها، فضلاً عن مرافق إدارة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة، ومراكز معارض المزارعين، بالإضافة إلى إعادة تأهيل الطرق الريفية الفرعية وإنشاء بحيرات التلال. وستساعد أنشطة المشروع أيضاً على تحسين البيئة الداعمة واستعادة الخدمات التي تدعم تنمية قطاع الأغذية الزراعية من خلال دعم رقمنة مختلف الأنشطة والوظائف كالتعداد الزراعي، وخريطة إنتاجية الأراضي. إضافة إلى تعزيز إجراءات إدارة الأمن الغذائي وسلامة الغذاء، وتحسين أنظمة تشجيع صادرات الأغذية الزراعية وتسويقها. «إن قطاع الزراعة يؤدي دوراً رئيسياً في إطلاق عجلة النمو وتأمين فرص العمل وتحسين سبل العيش في المناطق الريفية» وسيقود مجلس الإنماء والإعمار تنفيذ المشروع، فيما تتولى شركة «كفالات» مسؤولية إدارة القروض المقدمة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الأغذية الزراعية، ويناط بإدارة المشروع الأخضر تنفيذ أعمال البنية التحتية في المجتمعات الريفية، بالتنسيق الوثيق مع البلديات المعنية واتحادات البلديات. سيتم تشكيل لجنة توجيهية للمشروع برئاسة وزراء الزراعة، والطاقة والمياه، والاقتصاد والتجارة، للإشراف على تنفيذ أنشطة المشروع، ومعالجة المشاكل المتعلقة بالسياسات التي قد تنشأ خلال التنفيذ. ويتضمن مشروع التحول الأخضر في قطاع الأغذية الزراعية من أجل التعافي الاقتصادي، العديد من التدابير الهادفة إلى ضمان التنفيذ الفعال والشفاف للأنشطة. سيقوم مدقق حسابات مستقل بتدقيق جميع عمليات المشروع. وسيتم إنشاء آلية لمعالجة المظالم لضمان اتخاذ الإجراءات المناسبة بسرعة وكفاءة وفعالية عند ورود شكوى، على منوال القواعد المتبعة في المشاريع التي يمولها البنك الدولي.

تعطيل «المجلس العسكري» الوجه الآخر للحملة ضد قائد الجيش اللبناني

حرب المذكرات لملء الشغور مخالفة لقانون الدفاع

الشرق الاوسط..بيروت: محمد شقير.. الخلاف المستعر في لبنان حول ملء الشغور في «المجلس العسكري» بإحالة ثلاثة من أعضائه على التقاعد لبلوغهم السن القانونية، يبقى الوجه الآخر للأزمة المفتوحة بين قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال العميد المتقاعد موريس سليم، بالإنابة عن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي لا يزال يحمل على العماد عون ويتهمه في مجالسه الخاصة بوقوفه إلى جانب المجموعات التي انتفضت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ضد المنظومة الحاكمة، وحاولت الدخول إلى باحة القصر الجمهوري أثناء تولّيه رئاسة الجمهورية، وعملت على قطع الطرقات من دون أن تتصدى لها وحدات الجيش اللبناني المولجة بالحفاظ على الأمن. فالعلاقة بين قائد الجيش والرئيس عون تكاد تكون مقطوعة قبل أن يغادر القصر الجمهوري في بعبدا في 31 أكتوبر الماضي إلى منزله في الرابية (شرق بيروت) فور انتهاء ولايته الرئاسية، وأخذت تتدهور تدريجاً مع إدراج اسمه على لائحة المتسابقين إلى رئاسة الجمهورية، برغم أنه لم يعلن ترشحه ويلوذ بالصمت حيال التأييد الدولي والإقليمي، الذي يلقاه لدوره على رأس المؤسسة العسكرية، وصولاً إلى ترشيحه لرئاسة الجمهورية. ومع أن الرئيس عون هو من سمّاه لتولي قيادة الجيش، فإنه بدأ يتحسس من طرح اسمه مرشحاً لرئاسة الجمهورية، وسرعان ما تحوّل الأمر إلى قطيعة سياسية زاد من وطأتها انعدام الكيمياء السياسية التي أخذت تظهر تدريجياً إلى العلن، من خلال سوء التفاهم الذي سيطر على علاقة العماد عون بوزير الدفاع المحسوب على «التيار الوطني الحر»، من دون أن يفلح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عندما جمعهما، في تنقية الأجواء رغبة منه بتأمين الانتظام بداخل المؤسسة العسكرية. لكن قائد الجيش آثر عدم الدخول في سجال مباشر مع الوزير سليم، رغم أن فقدان النصاب في «المجلس العسكري» بإحالة نصف أعضائه إلى التقاعد، أدى إلى تعليق اجتماعاته وتعطيل دوره، مما اضطر الرئيس ميقاتي إلى إصدار مرسوم يجيز لنصف أعضائه الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية وعلى رأسهم العماد عون، بتسيير شؤون المؤسسة العسكرية وتأمين احتياجاتها. ويأتي المرسوم الذي وقّعه الرئيس ميقاتي في أعقاب امتناع الوزير سليم عن التقدّم باقتراح، بعد استمزاج رأي قائد الجيش، يجيز لمجلس الوزراء ملء الشغور في المجلس العسكري بتعيين ثلاثة ضباط بعد ترقيتهم إلى رتبة لواء خلفاً للذين أُحيلوا إلى التقاعد، وهم رئيس الأركان اللواء أمين العرم، ومدير الإدارة اللواء مالك شمص، والمفتش العام اللواء ميلاد إسحق. ويتحصن الوزير سليم برفضه التقدّم بأسماء ثلاثة ضباط برتبة عميد ليحلّوا مكان الذين أحيلوا إلى التقاعد، بأن تعيينهم يحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية، وبما أن الشغور في الرئاسة لا يزال قائماً، فهناك استحالة أمام انعقاد مجلس الوزراء، بذريعة عدم إشعار من هم في الداخل وفي الخارج بأن البلد يمشي من دون انتخاب رئيس للجمهورية. وفي هذا السياق، حذَّر مصدر وزاري من وجود مخطط مدروس بإتقان يقضي بالإبقاء على الشغور في المجلس العسكري إلى ما بعد إحالة العماد عون على التقاعد في يناير (كانون الثاني) 2024، وقال إن من يقف وراء الوزير سليم يدرس حالياً للتحضير لمن يخلفه في إدارة شؤون المؤسسة العسكرية في حال أن أمد الشغور الرئاسي طال إلى ما بعد إحالته على التقاعد. وكشف المصدر الوزاري، الذي فضّل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، بأن الوزير سليم، وبدعم من فريقه السياسي، يدرس فور إحالة العماد عون على التقاعد، وبغياب رئيس للجمهورية، إصدار مذكرة تقضي بتكليف الضابط الأعلى والأقدم رتبة بتدبير شؤون المؤسسة العسكرية، وقال إن التكليف سيقع على العضو المتفرغ في المجلس العسكري اللواء بيار صعب، وهذا ما يشكل مخالفة لقانون الدفاع الوطني، الذي ينص على أن يتولى رئيس الأركان مهام قائد الجيش طوال فترة غيابه. ولفت إلى أن الوزير سليم، وإن كان يتذرع بملء الشغور في المجلس العسكري بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، فإنه يسعى للالتفاف على قانون الدفاع، خصوصاً أن إصداره لمذكرة تقضي بتكليف اللواء صعب لا تلغي مادة في قانون الدفاع تتعلق بمن ينوب عن قائد الجيش طوال فترة غيابه، أي رئيس الأركان. وأكد أن المجلس العسكري يتمتع بسلطة مستقلة، وأن وزير الدفاع سيخالف القانون في حال أنه أصر على إصدار المذكرة. وقال إن البديل للواء صعب، مع أنه يشكل مخالفة لقانون الدفاع، سيكون قائد قطاع منطقة جنوب الليطاني العميد مارون القبياتي، كونه يخضع مباشرة لقيادة الجيش ويتولى موقعاً عملانياً إلى جانب «يونيفيل» لتطبيق القرار 1701. لذلك فإن المخالفة لقانون الدفاع أكانت من هنا أو من هناك ستدخل البلد في اشتباك سياسي من العيار الثقيل، وبالتالي لا مصلحة، كما يقول المصدر الوزاري، للتشويش من الداخل على المؤسسة العسكرية التي هي الآن موضع تقدير محلي وخارجي، وأن إقحامها في صراعات داخلية يراد منها تصفية الحسابات الرئاسية ليس في محله، وأنه لا مبرر للتلكؤ في تعيين الشغور في المجلس العسكري لأن الضرورات تبيح المحظورات، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتحصين المؤسسة العسكرية وتحييد الجيش عن المهاترات المحلية. وعليه هل ينجح ميقاتي في جمع وزير الدفاع وقائد الجيش في محاولة جديدة لغسل القلوب وصولاً لتهيئة الأجواء أمام انعقاد مجلس الوزراء لملء الشغور في المجلس العسكري تحسباً لإطالة أمد الفراغ الرئاسي إلى ما بعد إحالة العماد عون على التقاعد، لئلا يُستدرج البلد إلى حرب سياسية وقودها المبارزة في تبادل المذكرات برغم أنها تشكل مخالفة مكشوفة لقانون الدفاع؟

طربيه: «قدسية» الودائع في المصارف اللبنانية توجب عدم شطب توظيفاتها

«الشرق الأوسط» تحاور رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب

بيروت: علي زين الدين...​بدأ مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، العد العكسي لانتهاء الشهر الأخير من الولايات الخمس القانونية والمتمدّدة على مدى 30 عاماً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وسط ترقّب حذِر في الأوساط كافة بشأن إدارة المرحلة الانتقالية، ومتوتّر أكثر لدى المودعين المقيمين وغير المقيمين في الجهاز المصرفي، والذين يعانون الاقتطاعات الكبيرة في الحصول على حصص سحوبات متدنية، والخوف على أرصدة قائمة تناهز قيودها 95 مليار دولار. وقد زاد التقييم الأحدث لملف لبنان لدى صندوق النقد الدولي (بموجب المادة الرابعة)، من التوغل العام في حال «عدم اليقين»، بعدما أكد المؤكد مجدداً، أن البلد لا يزال يواجه أزمة مصرفية ونقدية سيادية غير مسبوقة ومستمرة لأكثر من ثلاث سنوات. إذ شهد الاقتصاد انكماشاً ناهز الـ40 في المائة، وفقدت الليرة اللبنانية 98 في المائة من قيمتها، في حين سجل التضخم معدلات غير مسبوقة. كما خسر المصرف المركزي ثلثي احتياطاته من النقد الأجنبي. وبالفعل، لا يبدو المشهد أقل غموضاً في تقييم الأصول المالية الحقيقية التي يعوّل عليها للحفاظ على استقرار اقتصادي هش ونقدي مصطنع. إذ يبلغ إجمالي احتياطات العملات الصعبة لدى المصرف المركزي نحو 9.5 مليار دولار، يقابله التزامات خارجية قائمة بنحو 1.7 مليار دولار، بينما يبلغ صافي الودائع المصرفية لدى المصارف الخارجية المراسلة نحو المليار دولار، بعد تنقيص الالتزامات المقابلة. في حين يتعذّر، وحتى إشعار تعديل القانون المانع، احتساب احتياط الذهب الذي تقارب قيمته نحو 18 مليار دولار. ورغم كل هذه الأجواء القاتمة، يشير رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، والمصرفي اللبناني، الدكتور جوزف طربيه، إلى أهمية التحوّل المفصلي في مقاربة التسنيد القانوني الذي بلوره مجلس شورى الدولة في حيثيات القبول الشكلي للمراجعة المرفوعة إليه من قِبل جمعية المصارف بشأن الاقتراح الحكومي بإلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف، والذي يعوّل عليه كمرتكز أساسي وقانوني متين لإعادة تصويب بعض التوجهات الحكومية في نطاق تحديد الفجوة المالية وتوزيعات مسؤولياتها وأعبائها على الأطراف المعنية. وريثما يجري البتّ القانوني والناجز بمضمون المراجعة، يُعِدّ طربيه في حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، أن مجرد دخول المجلس على خط، يتكفّل بخلق أجواء مؤسساتية ورسائل إيجابية لكل المعنيين، ولا سيما المودعين في الجهاز المصرفي من مقيمين وغير مقيمين. فالأصل هو سيادة القانون وإحقاق الحق بمنأى عن أي انحرافات أو كيديات حتى ولو تمت بالتشاور مع مؤسسات مالية دولية. ومن الموجبات الملّحة في نطاق تصحيح الانحرافات، التركيز على أولوية طمأنة المودعين غير اللبنانيين، وجلّهم من الأشقاء العرب، ومن أفراد وشركات وصناديق وسواهم، استثمروا وساهموا بفاعلية مشهودة في نهضة القطاع المالي والمصرفي؛ ارتكازاً إلى ثقتهم بمهنية المؤسسات ومتانة القوانين الراعية. ولم يكن خافياً في مندرجات مشروع قانون إعادة الانتظام المالي، مقابلة فجوة الخسائر لدى المصرف المركزي باقتراح شطب توظيفات المصارف التي تفوق 80 مليار دولار؛ ما اضطر الجمعية إلى رفع الشكوى إلى مجلس الشورى، ليؤكد بدوره «أنه المرجع الصالح لمراقبة خطوات الحكومة في كلّ قرار تتّخذه بإعفاء نفسها من ردّ ودائع الناس، وأن القرار المشكو منه هو فعلياً مصادرة نافذة لودائع المودعين لدى المصارف بمفعول رجعيّ، وهو يؤدّي عمليّاً إلى إلغاء القطاع المصرفيّ اللبنانيّ، ويخلق نزاعاً بين المصارف والمودعين بشكل يخالف قواعد المسؤوليّة». ومن دون لبس أو إبهام، يُعِدّ طربيه أن سردية الحكومة وبموافقة صندوق النقد لجهة احتساب ديون الدولة خسائر وإعفائها من التزاماتها المالية تجاه المصرف المركزي وشطب عشرات المليارات من الدولارات من الديون، ستترجم في النهاية شطباً للودائع؛ وهو ما يبدو مرفوضاً حتى الآن من المجلس النيابي، حيث يطلق الكثير من النواب شعارات معاكسة تماماً لذلك، وتُلاقي تأييداً لدى جمعيات المودعين على مختلف انتماءاتهم، لعل أبلغها المناداة بـ«قدسية الودائع». ويؤكد أن «الذين لا يجدون طريقة أخرى للتخلّص من الدين إلا عبر شطبه، يرفضون في الواقع إجراء إصلاح على المالية العامة توقف منافذ الهدر وتحسّن الإيرادات وتضع لبنان على طريق التعافي». في حين تدل مناقشات المجلس النيابي على وجود مواقف رافضة من معظم الكتل النيابية لما تضمنته خطة التعافي من شطب للودائع، حيث تبدو معظم الاتجاهات النيابية لصالح الحفاظ على ودائع المودعين، صغارهم وكبارهم، وبينهم مؤسسات مصرفية عربية ومستثمرون ومودعون عرب أودعوا أموالاً لهم منذ عشرات السنين في المصارف اللبنانية، وكذلك الأمر بالنسبة للمودعين اللبنانيين من مقيمين ومغتربين. ولذا؛ «لا بد من أن تتعامل إدارة الصندوق مع هذه الحقيقة المبنية على وجود موانع دستورية وقانونية وسياسية تمنع على الدولة شطب الودائع»، وفق قراءة طربيه، وبالتوازي، لا بد للدولة اللبنانية من تحمّل مسؤوليتها عن ديونها، وقيادة الحل من خلال خطة لإعادة الودائع تدريجياً من دون أي بيع لأصولها، وكذلك التفاوض بحسن نية مع دائني سندات الدين الحكومية بالعملات الأجنبية (اليوروبوندز)؛ تمهيداً لاستعادة الشرعية المالية والعودة إلى الأسواق المالية الدولية. كما يجب عدم الاستخفاف بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للشطب، وكذلك انعكاساته على التعافي وعلى استعادة الثقة بلبنان وبقطاعه المصرفي. وفي الأساس، يرى طربيه وجوب «ألّا نغفل أنّ جزءاً مهماً من أزمة لبنان يتطلّب حلاً بالسياسة وليس فقط بالاقتصاد. لذلك؛ يقتضي أن تعود المؤسسات الدستورية إلى عملها ويجري انتخاب رئيس للجمهورية ويعود المجلس النيابي للتشريع وتقوم حكومة مكتملة الصلاحيات ويتم الاحتكام إلى المرجعيات القضائية والقوانين السارية، من أجل تعزيز ثقة المجتمعَين الدولي والعربي بلبنان وبمؤسساته». وبشأن الملف اللبناني «المعلّق» لدى صندوق النقد الدولي، يربط طربيه التقرير الأحدث وترقباته السلبية بوقائع الأزمة الداخلية الحاضرة، ليوضح، «في الواقع، لم تكن مسيرة التفاوض مع بعثات الصندوق سهلة على مدار الأعوام الثلاثة السابقة، والتي أفضت إلى توقيع الاتفاق الأولي على مستوى فريقي العمل في أبريل (نيسان) من العام الماضي، إنما هو مرفق بلائحة شروط تشريعية وإجرائية تتطلب توافقات سياسية واسعة وتضمن التشاركية الفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص». يضيف: «نحن اليوم في وضعية أصعب وأكثر تعقيداً، مع وقوع لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي والاشتباك الدستوري الحاصل حول استمرار صلاحية المجلس النيابي في التشريع في ظل تحوله هيئة انتخابية يقتصر نشاطها على انتخاب رئيس للجمهورية ليكتمل عقد السلطات الدستورية. يضاف إلى ذلك دقة المواضيع المطروحة على المجلس النيابي للتشريع بشأنها والتي تتضمن بنوداً لا سابق لها في لبنان، كشطب الودائع وتصفير الرساميل للمصارف، ووضع قيود على حركة الرساميل، وإجراء مراجعة على النظام الضريبي». أيضاً، ثمة صعوبات قانونية وتقنية تكمن في الوصفات التقليدية أو المستحدثة، كما تشكك جهات كثيرة في لبنان في الكثير من صوابية بعض المعالجات والطروحات القاسية التي تضمنها خطة الصندوق، ومنها خصوصاً ما يتعلق ببنود محددة ضمن مندرجات إلغاء السرية المصرفية، وحيثيات اعتماد ضوابط استثنائية لتقييد الرساميل والتحويلات (الكابيتال كونترول)، وتوحيد وتحرير سعر الصرف، وضبط عجز الموازنة العامة، وشطب الودائع، وإعادة هيكلة المصارف وتصفير رساميلها. ويتابع طربيه: «في رأينا، بعض الإصلاحات المطلوبة من الصندوق بديهية، وكان يفترض حصولها من دون مداخلة أو طلب منه. بل إنه كان من أول الموجبات الواجب تشريع ضوابط محكمة لحركة السيولة والتحويلات فور اندلاع الأزمة في خريف العام 2019. كذلك، فإنه من مصلحة البلد واقتصاده والمعالجة الناجعة للأزمات وتوابعها الشروع تلقائياً في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وفي مقدمها المالية والنقدية كإصلاح نظام الضرائب، وترشيد الإنفاق العام، وخفض حجم القطاع العام، وتجنّب العجز في الموازنة العامة، ومكافحة الهدر والفساد، وتحرير سعر الصرف وفق معايير محددة». ويقول: فعلياً، تتطلب معظم بنود الاتفاق إقرارها بقوانين في المجلس النيابي، وهذا ما حصل حتى الآن بالنسبة لموضوع تعديل قانون السرية المصرفية وإصدار قانون الموازنة العامة لعام 2022، وما يجري مناقشته حالياً في المجلس بالنسبة لموضوع «الكابيتال كونترول» المطلوب من الصندوق إقراره، وتتم مقاربته بتردد؛ لأنه يضع قيوداً على تحويل الرساميل في بلد لطالما تغنّى بالحريات الاقتصادية، وفي مقدمها حرية حركة الرساميل ضمن نظامه المصرفي. في الخلاصة، يختم طربيه، «إن الاتفاق مع صندوق النقد ممر ضروري للبنان للعودة إلى الشرعية المالية الدولية. لكن التقدم المنشود في هذا المسار معقود على خطة إنقاذ متكاملة وتوزيع عادل لمسؤوليات وأعباء الفجوة المالية. ثم الأهم البعد التشريعي المناط حصراً بالمجلس النيابي، وما سوف يقرّه من قوانين تحفظ المصالح الوطنية العليا للبلد واقتصاده ومواطنيه».

لا بديل لسلامة ولا تعيينات عسكرية: ميقاتي يرفع السقف من أجل صلاحيات استثنائية؟

الاخبار..ميسم رزق .. قضي الأمر، وسيغادر رياض سلامة منصبه نهاية هذا الشهر. هذه هي خلاصة المناقشات التي جرت منذ ما قبل عطلة عيد الأضحى حول ملف الشواغر في مناصب رفيعة في الدولة. لكن السؤال عن مرحلة ما بعد سلامة بقي شاغلاً للقوى الأساسية داخل الحكومة وخارجها، وللخارج المعنيّ بالنظامين المالي والمصرفي في لبنان، وسط همس عن رغبة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالحصول على غطاء يجيز له إجراء تعيينات أصيلة. علماً أن قانون النقد والتسليف يحدد آلية ملء الشغور في موقع الحاكمية، وينص على تولي النائب الأول مهام الحاكم إلى حين تعيين بديل أصيل. إلا أن إسناد هذه المهمة للنائب الأول وسيم منصوري، المحسوب على الثنائي الشيعي، يُعيد تظهير هواجس ذات بُعد طائفي لدى كثيرين في لبنان. الأسبوع الماضي حمل أكثر من تطوّر على هذا الصعيد، مع عودة منصوري من زيارة إلى واشنطن التقى خلالها مسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية ومكتب مكافحة تبييض الأموال وآخرين معنيين بملف القطاع المصرفي في لبنان. ونُقل عن منصوري أنه لمس عدم وجود اعتراض أميركي على تولّيه مهمات الحاكم، وأنه تم الاتفاق على التنسيق مع الجهات الأميركية المعنية في ما يتعلق بإدارة القطاع المصرفي والوضعين المالي والنقدي. إلا أن المسؤولين الأميركيّين، وفق مصادر مطلعة، شدّدوا أمام منصوري على ضرورة تعيين حاكم أصيل. وبحسب المصادر نفسها، لا يزال الأميركيون يدعمون إسناد الحاكمية إلى الوزير السابق كميل أبو سليمان رغم «خشية» الأخير من قبول المهمة في حال لم يتأمّن التوافق حوله، وخصوصاً أنه لمس في جولاته السابقة تحفّظات جدية، كما أن قوى بارزة في الحكومة وخارجها أبلغت الرئيس ميقاتي رفضها توليه هذا المنصب.

سلامة يمسك بلعبة السوق وقلق في المجلس المركزي

من جهة أخرى، تراجعت التسريبات التي رُصدت قبل سفر ميقاتي لأداء مناسك الحج حول اتصالات يقوم بها مع القوى السياسية لتفعيل عمل حكومته وتوسيع صلاحياتها لتشمل التعيينات، بما فيها تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. وعلمت «الأخبار» أن ميقاتي طلب السير الذاتية لعدد من الأسماء للبحث فيها مع القوى السياسية. إلا أن القوى التي تشاور معها في هذا الشأن شدّدت على ضرورة أن يناقش الأمر مع القوى المسيحية خصوصاً. وفي ظل التوتر المسيطر على البلاد بفعل الأزمة الاقتصادية وأزمة الشغور الرئاسي، لن يكون ميقاتي قادراً على اتخاذ قرار على هذا المستوى تجنباً لمزيد من التصعيد، فضلاً عن «حساسية» الموقع الذي «يتصرف الأميركيون على قاعدة أنهم يملكون حق الفيتو على أي اسم لا يرغبون به».

الأميركيون مستمرون في دعم أبو سليمان لحاكمية المصرف

كما أن حاكم المصرف هو من ضمن «عدة شغل العهد الجديد»، ويرتبط عمله بـ«شكل الإصلاح الذي سينطلق وطريقة التعامل مع صندوق النقد الدولي»، ما يعني أن «تسميته لا بد أن تكون من ضمن سلة كاملة خاصة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية»، وفق مصادر حكومية أكدت أن ميقاتي لن يدعو إلى جلسة تعيينات، «وهو ربما يسعى من وراء هذا الطلب إلى الدفع لإعطائه صلاحيات استثنائية تسمح له باتخاذ عدد أكبر وأوسع من القرارات في ظل الشغور»، أو على الأقل «دفع الجميع للتسليم بدستورية القرارات التي تتخذها الحكومة». هذا الواقع يعني أن لا بديل عن سلامة حالياً. ويعني أيضاً أن السيناريو الوحيد المتاح هو تولي منصوري المنصب، بمعزل عن كل ما يرد على لسان ثنائي أمل وحزب الله حيال «الخشية» من تولي شيعي مسؤولية هذا المنصب. وعلمت «الأخبار» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يزال قلقاً من تسلّم منصوري مهام الحاكمية، لأن «الناس ستنسى رياض سلامة، وكل ما سيحصل لاحقاً سيجري تحميل منصوري والثنائي مسؤوليته من ضمن حملة منظمة، وخصوصاً أن وزارة المالية والنيابة العامة المالية من حصة الثنائي أيضاً».

صلاحيات وزير الدفاع والتعيينات العسكرية

في إطار سعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الحصول على صلاحيات أكبر لحكومة تصريف الأعمال، تدخل أيضاً تعيينات المجلس العسكري التي يشكو قائد الجيش جوزف عون من أن الخلاف السياسي حولها يمنع البت بها. إذ تنص المادّة 27 من قانون الدفاع على صلاحيّة وزير الدفاع باقتراح الأسماء لتعيين المفتّش العام ورئيس الأركان والمدير العام للإدارة، وهي المواقع الشاغرة حاليّاً في المجلس العسكري. وقالت مصادر مطلعة إن «ميقاتي لن يستطيع البت في التعيينات ما دام وزير الدفاع موريس سليم متمنعاً عن إرسال الأسماء»، معتبرة أن «مطالبته بها ترتبط بمقاربته موضوع التعيينات العسكرية من زاوية مختلفة عن ملف الحاكمية، فهو يريد إعادة وزير الدفاع إلى اجتماعات مجلس الوزراء لكسر مقاطعة التيار الوطني الحر». أما قائد الجيش فيعتبر نفسه أسير الفراغ في المجلس العسكري ولا يستطيع التحرك أو السفر إلى الخارج، فالضابط المكلّف بالإنابة عنه هو رئيس الأركان، والحديث عن تسلّم الضابط الأعلى رتبة في حال عدم تعيين رئيس للأركان «مخالف للقانون»، وفقَ ما تقول المصادر.

هل يستقيل أعضاء المجلس المركزي؟

ثمّة قلق إضافي عند المعنيين بملف مصرف لبنان، يتعلق بالوضع داخل المجلس المركزي لمصرف لبنان. إذ يعتقد كثيرون من أنصار الحاكم رياض سلامة أنه الوحيد الذي يعرف لعبة السوق ويمسك بمفاتيحها، وأنه يدير مباشرة العلاقة مع كل العاملين في السوق النقدي، ويتخذ القرارات من دون العودة إلى المجلس. ويتخوّف هؤلاء من تدهور الوضع، بعدما تحدثت مصادر بارزة عن رفض سلامة تولي منصب «مستشار الظل» بعد خروجه. وعلم أنّ سلامة لم يطلع وسيم منصوري بعد على «حقيبة الأسرار»، وسط اعتقاد بأنه «يتقصد ترك الساحة في حالة فوضى ليُقال إنه الوحيد القادر على ضبطها». وتقود هذه البلبلة إلى احتمال لجوء أعضاء المجلس المركزي إلى تقديم استقالة جماعية للضغط من أجل تعيين حاكم جديد. ومع ذلك، فإن الانقسام المسيحي حول البديل، يجعل الاستقالة غير ذات جدوى. علماً أن المجلس المركزي سيعقد اجتماعاً بعد عودة منصوري لمناقشة عدد من النقاط، ولا سيما في ما يتعلق بمصير منصة صيرفة، وسط استمرار الخلاف حول الاستمرار بها أو إلغائها أو إدخال تعديلات على عملها.

إسرائيل «تضمّ» الجزء اللبناني من الغجر: شغب إسرائيلي على حدود الجولان

الاخبار..تقرير حمزة الخنسا ... انتهت في الأيام الماضية، الأشغال الإسرائيلية لتثبيت السياج الجديد الذي ضمّ كامل الجزء الشمالي اللبناني من بلدة الغجر المحتلة إلى الأراضي السورية المحتلة. بذلك، باتت الغجر كاملة تحت الاحتلال الإسرائيلي وخارج السيادة اللبنانية، حتى في ظل عدم وجود أي جندي إسرائيلي على أرضها. ومن دون أي سيطرة لبنانية، صار الجزء الشمالي من الغجر منفصلاً كلياً عن السيادة اللبنانية، وخارج الوصاية الكلية لقوات الطوارئ الدولية (اليونيفل)، التي لا يُسمح لها بالدخول إليها باعتبارها خارج نطاق عملها، في خرق واضح للقرار 1701. للوصول إلى أقرب نقطة إلى الجزء اللبناني من قرية الغجر، يمكن الوقوف عند الوزاني غرباً للإطلالة عن بعد نحو 1 كلم، أو من الشرق من صوب بلدة العباسية على بعد 1.5 كلم. علماً أن هناك طريقاً يمرّ بمحاذاة الجزء الشمالي من الغجر ويربط الوزاني بالعباسية بمسافة 3 كلم، لكنّ هذا الطريق بات محرّماً على أيّ لبناني ومخصّصاً فقط لدوريات «اليونيفل»، رغم وقوعه خارج السياج الحديدي الجديد الذي يضم الجزء اللبناني من الغجر. وتلعب قوات «اليونيفل» هناك دور الحارس، إذ تضع أسلاكاً وموانع حديدية على طول الطريق من الجهة الشمالية المحررة، لمنع اقتراب اللبنانيين منها، ما يشكّل «حزاماً أمنياً» غير معلن حول قرية الغجر بطول 3 كلم، يستكمل إجراءات العزل التي أقامتها قوات الاحتلال حول البلدة. ويقيم الجيش اللبناني حاجزاً عند نقطة أساسية تؤدي إلى الطريق، علماً أنه بموجب الإجراءات الإسرائيلية الجديدة والمترافقة مع تلك التي تقوم بها «اليونيفل»، بات الجيش ممنوعاً من الوصول إلى ذلك الطريق أيضاً، إذ بات يتطلب دخوله النادر لتنفيذ دورية عليه، إذناً وتنسيقاً مسبقيْن من قيادة «اليونيفل» في الناقورة. لم تقتصر الإجراءات الإسرائيلية على «تطويق» الغجر بجزءَيها السوري واللبناني، بل رفعت قوات الاحتلال أبراجاً حديدية ثبّتت على كل منها كاميرات يصل مداها إلى 5 كلم، إضافة إلى كاميرات صغيرة ومكبّرات صوت موجّهة نحو الأراضي اللبنانية المحرّرة. هذه التحركات المتدحرجة وغير المترابطة مع أحداث أخرى تشهدها الحدود اللبنانية - الفلسطينية، والتي تتعلق بإسرائيل وأولوياتها الأمنية، كانت قوات الاحتلال قد شرعت بها في آذار 2022، أعقب ذلك، في أيلول من العام نفسه، قرار فتح الغجر أمام حركة السياحة الإسرائيلية بعد اعتبارها منذ التحرير في أيار من عام 2000 منطقة عسكرية مغلقة، إلى أن أعلنت تل أبيب العام الماضي سحب قواتها من المنطقة والإبقاء على «حرس الحدود» فيها، على اعتبار أنها انسحبت من الجزء اللبناني من الغجر. إلا أن كل الإجراءات والتحركات الإسرائيلية، بما فيها المباشرة بعملية تسييج الجزء اللبناني، كانت تتم على أساس أنها أرض محتلة. انتهت إسرائيل من عملية «تسييج» الغجر، بالتزامن مع نشاط لقواتها على طول الحدود اللبنانية - الفلسطينية، وتغيير معالم العديد من النقاط عند «الخط الأزرق» على الحدود بين بلدة حولا ومستعمرة «المنارة»، أو عند «خطّ الانسحاب» في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وهنا، لا بد من الإشارة إلى وجود فرق كبير بين «الخط الأزرق» في بلدة الغجر، و«خط الانسحاب» في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. فـ«الخط الأزرق» في قرية الغجر يعترف به الاحتلال الإسرائيلي وقوات «اليونيفل» ولبنان الرسمي. أما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فإن لبنان لا يعترف بوجود «خط أزرق» هناك لأنه يعتبرها أراضيَ لبنانية محتلة، بل يطلق عليه «خط انسحاب»، بينما تعترف به «اليونيفل» والاحتلال الإسرائيلي، ويقولان إنه «خط أزرق يتحفَّظ عنه لبنان». وتبرّر القوات الدولية اعترافها بأن هذه المنطقة كانت منذ ما قبل التحرير عام 2000 ضمن منطقة عمل قوات «إندوف» العاملة في الجولان السوري المحتل. في مقابل هذا الواقع الذي يحاول الاحتلال تكريسه وتُعلن «اليونيفل» عدم «صلاحيتها» لمنعه، يقول أهالي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إنهم كانوا قبل التحرير عام 2000 يدخلون إلى مزارع فشكول وقفوة ورويسة القرن وزبدين لقطف محاصيلهم الزراعية بناءً على تصاريح خاصة من قوات الاحتلال، بينما لم يُسجّل دخول أي من المواطنين السوريين إلى المزارع المحتلة، في أحداث ووقائع واضحة وبسيطة يتداولها أهالي المنطقة للتدليل على لبنانية المزارع. على أيّ حال، يأتي ضمّ الجزء اللبناني من قرية الغجر إلى الجزء السوري المحتل، بعدما أعادت القوات الإسرائيلية احتلاله خلال عدوان تموز 2006، رغم وجود محاولات دبلوماسية سابقة لـ«إقناع» العدو بالانسحاب منها وتنفيذ القرار 1701. وعلى الدوام كان النقاش مفتوحاً في إسرائيل حيال الطريقة الأفضل للتعامل مع قرية الغجر، خصوصاً في شقها اللبناني. وكان رئيس حكومة الاحتلال الأسبق آرييل شارون اقترح إخلاء الجزء الشمالي من الغجر، وتدمير المباني فيه، كما درست حكومات الاحتلال المتعاقبة خيارات أخرى مثل تقسيم القرية، وإقامة حاجز بين الشطرين اللبناني والسوري، وتكثيف الحماية العسكرية في المنطقة، وتخيير سكان الغجر بين البقاء «في كنف الاحتلال» أو الانتقال للعيش في كنف السلطة اللبنانية، وبناء جدار حول الجزء الجنوبي من القرية وعزلها بين «الخط الأزرق» وهضبة الجولان، أو بناء جدار حول الجزء الشمالي وضمّه إلى المنطقة المحتلة، والخيار الأخير هو الذي طُبّق اليوم.

فرق كبير بين «الخط الأزرق» في بلدة الغجر و«خط الانسحاب» في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا

اليوم، تبدو الغجر كـ«بلدة واحدة» وقد «وحّدها الاحتلال» تحت سلطته. كانت مساحتها المسكونة تبلغ نحو 500 دونم، وتُقسّم إلى الحارة الجنوبية القديمة وهي مقامة على نحو 100 دونم وتقع ضمن الحدود السورية، أما الحارة الشمالية المقامة على نحو 400 دونم، فتُعتبر لبنانية، لكن مساحتها اليوم صارت أكبر مما كانت عليه، إذ تمدّد العمران فيها نحو الجزء اللبناني بشكل كبير، وبات هذا الجزء موطناً للعدد الأكبر من سكّان البلدة البالغ عددهم نحو 2800 نسمة. هذا التداخل بين ما هو سوري وما هو لبناني خلق واقعاً معقّداً في الغجر التي يرفض أهلها الاختيار بين كونهم تابعين لسوريا أو للبنان. هذا الواقع يشبه إلى حدّ كبير العلاقة المتداخلة والمعقّدة بين البلدين اللذَين يعتبران أن البتّ في «نَسَب» الغجر كما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لا يستقيم في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر أنها أراضٍ تابعة للجولان احتُل معظمها في عام 1967، ما يعكس قراراً مبدئياً بالتعامل معها على أنها «مُحتلة يتوجّب استرجاعها بالطرق المناسبة»، رغم قرار إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في آذار 2019، الاعتراف بـ«سيادة إسرائيل» على هضبة الجولان السورية التي احتلتها عام 1967 وضمّتها عام 1981. يوم وقّع ترامب قرار الاعتراف هذا، غرّد على «تويتر» كاتباً: إن هضبة الجولان لها «أهمية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي». اليوم، وبعد استكمال قوات الاحتلال الإسرائيلي «تطويق» الغجر وضمّ جزئها اللبناني إلى الأراضي السورية المحتلة، يحلو للبعض التذكير بما كتبه الصحافي الإسرائيلي أليكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية عام 2008، إذ اعتبر أن «أحد الأماكن الوحيدة في الشرق الأوسط، التي يمكن لإطلاق النار على جرافة، أن يؤدي فيها إلى تدهور إقليمي في أيامنا هذه، هو في قرية الغجر الواقعة في زاوية مهملة في أطراف هضبة الجولان، التي ضُمت إلى إسرائيل خطأً».

إسرائيل ترفع مستوى التهويل لإزالة الخيمتين

الاخبار..يحيى دبوق ... بعيداً عن حملة التهويل في الإعلام العبري، ليس السؤال عمّا إذا كانت إسرائيل ستستخدم القوة العسكرية لإزالة «تعدٍّ وتمركز عسكريين معادين فوق أرضها السيادية»، في إشارة إلى نصب خيمتين داخل منطقتي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين، بل حول الطريقة المثلى لدفع حزب الله إلى التراجع وإزالة الخيمتين، من دون التسبّب في مواجهة عسكرية ولو موضعية. في واقع الأمر، انتظر العدو شهرين قبل إطلاق حملة التهويل. صرف شهراً منها على جهود دبلوماسية صامتة، وقرّر في الشهر الثاني اعتماد الدبلوماسية المعلنة. علماً أن إسرائيل، في الأحوال «الطبيعية»، كانت لتبادر من دون إبطاء إلى استخدام القوة العسكرية لإنهاء مثل هذا «التعدّي» المزعوم. وهذا ما دفع الإعلام العبري إلى التعبير بأن ما حدث «خارج عن التخيل»، و«هل كان لأحد أن يتخيل بأن يحتل عدو أرضنا، من دون أن يتحرك الجيش الإسرائيلي لإزالة هذا الاحتلال، وتدفيعه ثمن الجرأة على تحدي إسرائيل؟». يأتي ذلك، في سياق حرب تهويلية إسرائيلية على مدى الأشهر الأخيرة، هدفها إفهام حزب الله أن إسرائيل قادرة ومعنية وغير مردوعة، و«مستعدة» للذهاب بعيداً في حال «تجرّأ» الحزب على خرق قواعد الاشتباك. وفي هذه النقطة تحديداً، كشفت إسرائيل أن مستوى ارتداعها عن بدء أي حرب ضد حزب الله مرتفع جداً ولم يكن حتى ملحوظاً أنه بهذا المستوى. علماً أن صمت الحزب إزاء ما يجري كان لافتاً طوال شهرين، إلى أن جهر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، السبت الماضي، بما كان حزب الله يريد قوله من خلال صمته وامتناعه عن التعليق على التهديدات: «ما بدّك حرب سكوت وتضبضب، أما أن تفرض على المقاومة أن تنزع ما هو حق للبنان، وما تعتبر أنه له ضمن أرضه، فلا أنت ولا غيرك قادر على أن يفرض... إذ ولّى الزمن الذي كنت تقصف فيه مفاعل تموز النووي (العراقي 1981) من دون أن يرفّ لك جفن، أو يوم ما كنت تخاف من حدا». لكن اللافت أكثر، هو صمت رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي وكبار ضباط أركان الجيش الإسرائيلي. وهو صمت يعبر عن موقف فعلي مفاده: «منع تفاقم الإحراج داخلياً أمام الجمهور الإسرائيلي، وتجاه العدو نفسه»، وخصوصاً أن التعليق ستصاحبه تهديدات قد تكون منفلتة وغير مدروسة، وليست هناك رغبة بالتورط في إطلاق تهديدات مباشرة يصعب تنفيذها. وترافق صمت هؤلاء مع حملة لتهدئة الداخل الإسرائيلي، عبر القول إن خطوة حزب الله استفزازية ولا تشكل تهديداً للمدنيين، مع إضافة «هوليودية» كالقول إن «الاعتداء على سيادتنا» قد يكون بقرار ذاتي من مجموعة لحزب الله، وليس صادراً من مستويات أعلى، فيما حرصت وسائل إعلام عبرية على الإشارة إلى أن الموقعين العسكريّين جاءا نتيجة خطأ حسابي من حزب الله الذي لم يكن يريد تجاوز الحدود!...

وفي الأيام الأخيرة، ارتفع مستوى الضغوط الخارجية على الحكومة اللبنانية، وتولت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا التواصل مع الحكومة والجيش لإقناع حزب الله بإزالة الخيمتين. جاءت الضغوط مزدوجة: نقل رسائل إسرائيلية محملة بالتهديدات؛ وفي الوقت نفسه «نصائح» أميركية وفرنسية بضرورة تجنب وضع يمكن أن يؤدي إلى مواجهة مع إسرائيل.

المقاومة للعدو: إذا لم ترد حرباً... اسكت و«تضبضب»

في الخلاصة، فإن خطوة حزب الله، التي جاءت نتيجة أفعال استفزازية إسرائيلية، تكاد تكون ذات دلالات استراتيجية لإسرائيل لناحية معانيها ودلالاتها وتظهيرها حقيقة موقف الطرفين في مرحلة تتسارع فيها المتغيرات التي من شأنها أن تدفع (كما ترى تل أبيب) حزب الله إلى تغيير قواعد الاشتباك. حديث رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، عن أن عملية مجيدو التي قيل إن حزب الله نفذها في آذار الماضي، لم تكن العملية الوحيدة، هو «دليل سياقي» على وجود خشية من توجه إلى تغيير في القواعد التي حكمت الصراع طويلاً، ويثير أسئلة إضافية: ما هي تلك العملية التي نفذها حزب الله، وألزمت إسرائيل نفسها الصمت إزاءها وعمدت إلى إخفائها؟ علماً أن موقفاً انكفائياً كهذا، دليل إضافي على التموضع الدفاعي لإسرائيل، على عكس ما توحي به تهديداتها.

«أبحاث الأمن القومي»: وضع استراتيجي خطير في مواجهة حزب الله

حذّرت ورقة بحثية صدرت أمس عن مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب القيادة الإسرائيلية من تبعات ودلالات خطوة حزب الله في هار دوف (مزارع شبعا)، وطالبت بإزالة «التعدي» في الأراضي الإسرائيلية بأي طريقة، حتى ولو تسبّب ذلك في مواجهة محدودة مع حزب الله. وشددت الورقة على أن إسرائيل تسير في مسار تقويض ردعها أمام حزب الله الذي بات أكثر جرأة. وأكد الباحثون المشرفون على خلاصات وتوصيات الورقة أن «عملية بناء القوة لدى حزب الله، جنباً إلى جنب مع تفسيره مواقف إسرائيل وإجراءاتها على أنها حرص منها على تجنب مواجهته، واقع خطير جداً من شأنه أن يؤدي إلى وضع استراتيجي خطير، يجب العمل على إيقافه». إلا أن الورقة أشادت بـ«حكمة» القيادة الإسرائيلية التي عمدت إلى القنوات الدبلوماسية لإنهاء «تعدي حزب الله». إلا أنه بعدما باتت الحادثة معروفة، فإن فرصة نجاح أي تحرك دبلوماسي ضعيفة ومحدودة جداً، و«يجب المبادرة إلى عملية إسرائيلية لإزالة الخيمتين، حتى وإن كان الثمن هو الانحدار إلى مواجهة محدودة على الأرض». وخلصت إلى «نصيحة» لأركان الحكم في تل أبيب، بأن تكون «العملية خليطاً من الخداع والعزم واستعراض القوة التي تفوق توقعات حزب الله». لكن، ماذا إن رد الطرف الآخر، أيضاً، بخليط من الخداع والعزم واستعراض القوة بما يفوق توقعات إسرائيل؟.



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..الدفاع الجوي الأوكراني يتصدى لهجوم روسي على كييف..صور أقمار اصطناعية تظهر تشييد معسكر ضخم لـ «فاغنر» في بيلاروسيا..طُوّر "لقتل صدام حسين خلال استحمامه".. كيف تستخدم أوكرانيا صاروخ "ستورم شادو"؟.."اعتراف" لبوتين بعد تمرد فاغنر يهدده بـ"عواقب وخيمة للغاية"..فرنسا..فتية «صغار جداً» في عداد مرتكبي أعمال الشغب..قانون مكافحة التجسس الغامض يُعزز سلطة بكين في معاقبة المتهمين..الاتحاد الأوروبي: «إحراق المصحف» عمل مسيء واستفزازي..

التالي

أخبار سوريا..الوجود الإيراني جنوب دمشق..تراجع في المظاهر وتكريس على الأرض..احتدام التنافس بين دمشق و«قسد» على تسويق قمح الجزيرة..قصف إسرائيلي يستهدف مستودعات ذخيرة لـ«حزب الله» في ريف حمص..

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,061,092

عدد الزوار: 7,658,003

المتواجدون الآن: 1